عند كل محطة، وإزاء كل قضية وملف، يستعيد اللبنانيون مرحلة كان فيها للبنان رجال دولة حقيقيون. ومن هؤلاء الرجال دولة الرئيس عصام فارس الذي وإن غاب عن السلطة ونأى عن لعبة السياسة في لبنان، فإنَّه يعيش في كلِّ لحظة هاجس إنقاذ وطنه، ويساهم بكل ما يستطيع في دعم أبنائه وتمكينهم من الصمود.
بالنسبة إلى دولة الرئيس فارس، السلطة ليست جاهاً، وهو الذي لا ينقصه الجاه في أيِّ حال. وبالنسبة إليه، الحكم ليس سبيلاً إلى تحقيق النفوذ، وهو الذي يمتلك الهامة الكبيرة التي تحظى بالمكانة والإحترام على مستوى المحافل العربية والدولية كلها.
لذلك، ماذا عساه يقول دولة الرئيس فارس عندما يرى ويسمع بما يجري اليوم في لبنان؟
وماذا عساه يقول وهو يتلقَّى الإتصالات يومياً من المحبّين والمخلصين من أبناء وطنه، يشكون له همومهم ويعبّرون عن هواجسهم، ويستأنسون بحكمته؟
***
المؤكد أنَّ مصيبة لبنان الأساسية ليست حصراً لا في الطائفية والمذهبية ولا في السياسة ولا الأمن ولا الإقتصاد. إنَّها خصوصاً في الفساد الذي يرعى الطائفية والمذهبية والخراب السياسي والأمني والإقتصادي.
وتجنباً للتعميم، هناك في لبنان اليوم سياسيون غير فاسدين. ولكن، يتصارع الفاسدون طائفياً أو مذهبياً أو سياسياً، وفي النهاية يتوزّعون الغنائم تحت سقف الفساد وتنتهي مشكلاتهم عندما تتمّ الصفقة. وأما الذين يرفعون الصوت، فغالباً هم الذين جرى إستثناؤهم خارج الصفقة. وأحياناً، يسكت بعض هؤلاء إذا جرى إلحاقهم بالصفقة، ولو متأخرين!
فالبلد ينهار لأنَّ ذهنية الفساد هي السائدة، ولأنَّ رموز الدولة الحقيقيين بعيدون عنها، وفي طليعتهم دولة الرئيس عصام فارس. وليس لنا، نحن الغارقين في ظلامنا الدامس، إلا أن نتوجه إلى دولة الرئيس، الفارس العصامي، مسترشدين ومستضيئين بحكمته. كي يسمعوا ذوي السلطة قبل فوات الأوان!
***
ربما يكون الكلام قاسياً بعض الشيء على السياسيين الفاسدين
الذين يتحكّمون اليوم بلبنان، لكنه واقعي. فهل يمكن أن يشرح لنا هؤلاء كيف تُدار هذه الغابة، في ظل شريعة الغاب، حيث فضائح الفساد تنخرنا في كلِّ شيء:
من لقمة الغذاء ونقطة الماء إلى الهاتف والإنترنت والكهرباء والدواء؟…
الفساد واضحٌ وفاضحٌ بالأرقام والوقائع والأسماء، ولكن هل سمع أحدٌ عن أحدٍ جرى إتهامه أو توقيفه أو محاسبته؟
وهل هناك بلدٌ، غير لبنان، يضجُّ بالفساد المعلوم فيما الفاسد دائماً مجهول!
سقى الله أياماً كان للبنان فيها رجال دولة يَليقون بالموقع ويليق بهم الموقع. رجال دولة صنعوا مجد السياسة والإقتصاد والإنماء بلا منّة، وأقدموا بلا حسابٍ لأنَّ الوطن فوق كل الحسابات. وإذا كانت في لبنان اليوم بعض مرتكزات القوة التي تساعده على الصمود ومواجهة الأخطار، فلأنَّ هؤلاء المسؤولين صنعوا هذه المرتكزات عندما كانوا يديرون الدولة.
رجال الدولة هؤلاء ينظرون اليوم بكثير من الأسى إلى ما يتعرّض له لبنان على أيدي بعض الفاسدين الممسكين بالسلطة والحياة السياسية، فيما الشعب مغلوب على أمره وليس في الأفق ما يوحي بأنَّه يتجه إلى إنتفاضة إصلاحية أو ثورة نظيفة بيضاء على الفساد.
***
حسناً فعلَت طبقة السياسيين الفاسدين المقيمين سعداء اليوم في لبنان، وبينهم الوزراء طبعاً، عندما اخترعت أزمة النفايات التي جرى فيها الإستغناء عن البراميل والحاويات، وتحوَّلت الشوارع كلها مكبّات مباشرة للنفايات.
ربما وجدت هذه الطبقة الفاسدة أنَّها إنكشفت ولم تعد قادرة على أن تخبّىء رأسها في أيِّ برميل، أو ربما كانت تتوقّع أن يتحقّق في لبنان ما يفعله الشعب بالوزراء الفاسدين في أوكرانيا منذ عامين، وما يطلبه الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، أي رمي الوزراء الفاسدين في حاويات الزبالة!
وسيبقى سياسيو الفساد في لبنان متأخرين عن اللحاق بركاب الزمن، ولن يدركوا أنَّ الدنيا تتغيّر، وأنَّ نهاية كل سياسي فاسد ستكون في النفايات التي كانوا هم صُنّاعها.
وأمَّا أن يكونوا شرفاء كدولة الرئيس عصام فارس فهذا أمرٌ بعيدٌ عنهم. وهؤلاء لا يمكنهم أن يرتقوا لدولة الرئيس فارس لأنَّ مقياس المال هو الشفافية المنتجة التي يتمّ فيها ذلك مقروناً بالشرف والكرامة وإحترام الدولة والوطن.