طبيعي أن تقود السعودية خارجياً، ما بدأته قبل سنوات داخلياً في شأن التصدي للظاهرة الارهابية ولجم أدواتها البشرية والمادية والتوجيهية.. وطبيعي في موازاة ذلك، (أو في مواجهته بالأحرى)، أن تخرج قوى الممانعة المدعاة لتشكك في تلك الاجراءات ولتبدي في الواقع غضبها وألمها من قدرة المملكة على الدخول في مقاربة ناجحة وشاملة للتحديات التي تواجهها ومعها مجمل العرب والأكثرية الإسلامية.
طبيعية الخطوة الأولى وتلقائيتها متأتيتان من اعتبارين كبيرين: الأول هو الوعي المكشوف والملموس بأن الإرهاب الراهن الداعشي، مثل سلفه الارهاب «القاعدي»، هو أحد أكبر وأفدح وألعن الأخطار والتهديدات التي تطال الكيانات العربية والإسلامية وفي مقدمها السعودية.. خصوصاً ان «الطرف الموظِّف» والمستفيد والموجِّه، نجح في استثمار الظاهرة وتوظيفها في سياسته ومراميه وصولا الى جعلها أخطر أسلحته وأكثرها فتكاً!
.. والاعتبار الثاني موصول بالأول تبعاً للربط المحكم الذي أقامه المحور الإيراني بين المعطى (المذهبي) والأجندة السياسية المشتملة على بناء النفوذ في دول الجوار العربي.. بحيث أن تكسير مكامن وأعمدة القوّة النظامية التي تحمي الكيانات المستهدفة لم ينفصل عن محاولة تخريب قيمها وعقائدها بالعمق، ومن دون التوقف لحظة واحدة أمام مفارقة استخدام الدين في تخطي محرّمات ذلك الدين.. بل، يمكن (بكل ضمير مرتاح) الافتراض بأن الفتنة المذهبية كانت ولا تزال صنو المعطى الارهابي في مدونة عمل وسلوك المحور الإيراني بكل امتداداته.
وذلك استدعى ويستدعي، من السعودية قبل غيرها وأكثر من غيرها، «عدم تقسيم» العمل إذا صحّ التعبير.. وفي الوقت نفسه، عدم الانجرار الى ما يريده المحور المفتري، وخصوصاً في الشأن الفتنوي. أي التصدي الميداني والسياسي للاختراقات الميدانية والسياسية وخصوصاً في اليمن وسوريا، وسحب ورقة الفتنة المذهبية من التداول السياسي، من خلال قيادة الحرب ضد الارهاب، وتبخيس أخطر أهدافه المتمثلة بإشاعة نمط التكفير ضد الغير المختلف (مذهبياً!).
ما فعلته السعودية بالأمس، هو الخطوة الثالثة المهمة، في الاستراتيجية الدفاعية الموضوعة للتصدي للجموح الإيراني والروسي (لاحقاً)! المتفلت من كل عقال… الخطوة الأولى كانت في اجهاض انقلاب الحوثيين وحليفهم المخلوع علي عبدالله صالح والدخول في مواجهة عسكرية كبيرة لتأكيد استحالة القبول بتحويل اليمن الى دفرسوار ايراني في الخليج العربي. والثانية كانت بتنظيم صفوف المعارضة السورية ودفعها الى تقديم أول بديل فعلي وواقعي من ثنائية الأسد أو «داعش».. وهذه الثالثة، التي تقول إن الأكثرية العربية والاسلامية هي المعنية أساساً، أكثر من غيرها في التصدي للظاهرة الارهابية التكفيرية.. عدا الضرورة الحاسمة لإحراق هذه الورقة الثقيلة التي لم تفعل إلا ما هو لمصلحة إيران ومحورها، بل لمصلحة كل صاحب غرض، على حساب العرب والمسلمين.
طبيعي أن تدوخ إيران ومعها تابعها الأسد وأذنابه أينما كانوا.. وطبيعي لاحقاً، أن تعتبر موسكو تشكيل التحالف الإسلامي هذا لمكافحة الارهاب، خطوة مضادة لها.. لأن الواقع يقول، ان تجفيف منابع الارهاب سيصيب هؤلاء بالعطش، وسيضرب زرعهم السياسي والنفوذي والاستثماري باليباس