IMLebanon

في العصر الالكتروني …   لا ملاذات آمنة للفاسدين !

لم تمطر السماء ما يكفي من المتساقطات هذا العام في لبنان، وحل الربيع باكراً بأجوائه الدافئة والمشمسة… غير أن سماء السياسة في البلد، على العكس، كانت أجواؤها عاصفة وماطرة بكثافة، بفضائح متلاحقة في مشهد لم يسبق له مثيل من قبل. والمطر خير، أكان قطرات ماء من السماء، أم سيول فضائح على الأرض، تكشف المستور في أروقة السلطة، وتفضح الأسرار الخفية لطبقة من السياسيين والمتمولين، داخل الحكم، والمحيطين به، وخارجه! وما كان ذلك ليحدث الا في ظروف تآكل الدولة والنظام، والطبقة السياسية، والأخلاق والقيم، وأبسط المعايير الوطنية… وما كان ذلك ليحدث في لبنان لولا تعاقب مجموعة من رؤساء الدولة من ضعاف الشخصية أو الأفق، أو الوصوليين والانتهازيين الذين يحملون شعار ومن بعدي الطوفان! وهكذا كان، مع حلول الشغور الرئاسي الحالي المستمر الى أجل غير مسمى!

مسلسل الفضائح في لبنان اليوم، هو دليل آخر على أن الطبقة السياسية في البلد، سباقة في الالتحاق ب ثقافة العصر المرتبطة بالثورة المعلوماتية الجديدة، ولكن في جانبها السلبي المتعلق بالفضائح! بل انها لا تزال مقصرة في هذا المجال، بالمقارنة مع البركان الزلزالي الذي يجتاح العالم اليوم تحت عنوان أوراق بنما، في تأكيد راسخ على أن الفساد ليس محلياً وإقليمياً فقط، وانما هو أيضاً ظاهرة عالمية ملتصقة بأنظمة الحكم أياً كانت طبيعتها، رأسمالية أو اشتراكية، أو ديموقراطية، أو دكتاتورية، أو شمولية، أو غير ذلك! ولا علاقة لذلك بطبيعة النظام، بل بطبيعة الحاكم نفسه، وهل هو محصن أخلاقياً، أم غير محصن!

قبل الثورة الالكترونية كانت الصحافة العالمية تنشر بعض الفضائح من هنا وهناك، وبعضها كان تسريبات متعمدة لخدمة أغراض محددة سياسية أو أمنية. غير أن ظاهرة جوليان اسانج وموقع ويكيليكس، كان الترجمة العملية لتلك الثورة التي كانت مصدر قوة للدول الكبرى من جهة، ومصدر قوة للشعوب في الرقابة على الحكم من جهة ثانية. وتمكن فريق من خمسة أفراد في ويكيليكس من أن يكشف للعالم معلومات سرية وفضائح وتجاوزات وارتكابات للحكام والدول والشخصيات النافذة، ما عجزت عن كشف مقدار ربعه، الصحافة العالمية على مدار عشرات السنين! والخير لقدام، بدليل أن أوراق بنما تجاوزت ويكيليكس، وحصلت على وثائق بالأطنان!

كيف يكون في العالم أثرياء أذكياء، ولا يدركون أنه لا يوجد ملاذات أمنة للفاسدين في العصر الالكتروني؟!