IMLebanon

في المناخ المستجدّ

 

علي نون

كأننا في مناخ أشبه بذلك الذي سبق (وأنتج) تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام بعد تنتيع امتد على مدى عشرة شهور وأكثر.

وذلك الافتراض مولود من حيثيات وحوادث وخبريات حصلت في الأيام الماضيات وأوجبت الذهاب بالظن الى ذلك المنحى القريب في العرف اللغوي من الأصل الذي يقول انه من حُسن الفطن!

والافتراض ليس حُكماً، إنما احتمال. وذلك مركب آمن في زمن متلاطم، متقلّب وعسير الكمش. بحيث إن غرائب كثيرة تُسجّل بين ساعة وأخرى. وعنوان غرابتها أنها تناقض بعضها بعضا. ويستحيل البناء عليها قبل الظهر وانتظار صلابة البناء وديمومته بعد الظهر!

.. وعليه، فإن افتراض ذهاب لبنان الى وضع آخر غير الذي كان فيه قبل أيام معدودات، متأتٍّ من واقعة التمديد للمجلس النيابي، ومن استيقاظ العصب الحواري عند أهل الممانعة والعودة الى «رؤية» الآخرين كما هم وعلى حقيقتهم، وليس الاستمرار في مراوغة الذات والناس وتصديق التوليفة الافترائية ووضعها في مصافّ اليقين.. ثم جعلها نقطة ارتكاز لأداء صدامي موصول في كل الشؤون.

صعب أخذ معطى سلبي لإنتاج شيء ايجابي، لكن هذه هي وقائع الاجتماع اللبناني الراهن، حيث تتراوح خياراته بين السيئ والأسوأ، وليس بين الصح والخطأ: واقعة التمديد ألغت العملية الانتخابية، لكنها بدّدت هواجس وأطفأت توجسات كبيرة. ثم فتحت باباً آخر لإعادة شبك خيوط التواصل المنقطعة بين الناس. باعتبار أن التمديد هو عنوان أمر آخر كبير ومصيري، أكثر من مجرّد كونه دواماً واستمراراً لعمل الدولة ومؤسساتها. حيث الدستور والعقد الميثاقي، وحيث «تجربة» المسّ بهما أفظع وأخطر من كل ما مرّ وعبر منذ جريمة 14 شباط 2005!

ولا ينقطع ذلك التمديد عن سياق ميداني، ولا ينفصل عن مآلات واحتمالات رئاسية. بحيث إن العودة الى «اكتشاف» حقيقة البيئة الحاضنة للشرعية بعد طول افتراء وعسف، هو أمر مرادف للعودة الى «اكتشاف» فضائل القوى السيادية والإقرار بجودتها وحصافتها ووطنيتها التامّة! علماً ان هذه القوى (وعلى رأسها الرئيس سعد الحريري) لم تغيّر حرفاً في أدائها وخطابها وبيانها منذ عشر سنوات! وذلك في جملته يؤشر الى أن سياق الأمور يفيد (افتراضاً وليس حُكماً!) بأننا أمام مقدّماتٍ ستكون تتمّتها المنطقية في الموضوع الرئاسي، تتويجاً لها.

.. مبدئياً: باي باي جنرال!