Site icon IMLebanon

عند الامتحان يكرم المرء أو يهان

 

الرئيس الاميركي دونالد ترامب أغرقنا بكلامه المتواصل عن الاساطيل التي أرسلها وتلك التي سيرسلها الى المنطقة…

 

جاء بالبوارج وحاملات الطائرات والطائرات العملاقة والمتطورة… وضاعف عدد الجنود، فأرسل إليهم الآلاف… وبدا للعالم قاطبة أنّ الرجل اتخذ قراراً بالحرب لتأديب إيران، ومن ثم تبدّل الحال (وسبحان مبدل الأحوال) وقال إنّه يريد «الحرب الناعمة».. وهو التعبير المعتمد للدلالة على تحقيق الأهداف من خلال الضغوطات الاقتصادية كمثل الحصار المفروض على إيران.

 

ومن ثم عاد الى التصعيد علماً أنّ هذه التحركات للجيوش والآليات في البر والبحر والجو هي ذات تكلفة مالية ضخمة، بل هائلة، يتكبدها المواطن الاميركي وتبلغ أرقاماً كبيرة من مليارات الدولارات.

 

وراح ترامب في تردد ممنهج: يوماً يلوّح بالحرب ويوماً آخر يدعو الى التفاوض.

 

أمّا إيران فلم ترتدع… ولم تكتفِ بأنها كانت ترد على التهديد بتهديد مماثل، بل بلغ بها الامر حد رفض التفاوض مع ترامب، بل ورفض محادثات تلفونية كان يفترض أن تجرى بين الرئيس الاميركي والمرشد الأعلى خامنئي… ورفعت إيران منسوب تصعيدها الى درجة عالية: فمن القول الى الفعل!

 

بداية نفذت عملية الهجوم على ناقلتي النفط في المياه الإقليمية السعودية قبالة إمارة الفجيرة، ولم يصدر عن الاميركي أي اتهام أو تحذير كي لا نقول أي تهديد أو تلويح بالقوة، فقط الكلام الاميركي الممل والمعاد والمكرّر: سنحمي الملاحة في الخليج وبالذات لن نسمح بإقفال مضيق «باب المندب».

 

وفي الوقت ذاته ترحيب أميركي بالوسطاء والوساطات… ورفض إيراني واضح: لا نجلس مع الاميركي الى طاولة واحدة قبل وقف العقوبات!

 

وذهبت إيران الى المزيد والأبعد، أوعزت الى ميليشياتها الحوثية فنفذت الأوامر ووجهت طائرات مسيّرة الى شركة «أرامكو» العملاقة وأصابتها إصابات مباشرة في حدث هو الأوّل من نوعه في تاريخ هذه الشركة.

 

وتكرّر الكلام الاميركي ذاته.

 

وأيضاً تكرّر التصعيد الايراني: هجوم على ناقلتي النفط الذي حدث قبل ستة أيام.. والغريب هو الموقف الاميركي: بدأ أنْ لا معلومات أكيدة حول من يقف وراء العملية، ثم تدرّج الى أنّ الاميركي «يظن» أنّ إيران وراء العملية، ومن ثم وزعت واشنطن شريط ڤيديو يظهر رجالاً يبحرون قرب ناقلتي النفط وبينهما الناقلة اليابانية… وكان رئيس الوزراء الياباني يزور طهران ساعة وقوع الحادث… وقال الاميركي إنّ الرجال الذين عبروا قرب الناقلتين كانوا في زوارق إيرانية، ولكن لم تظهر أي إشارة تدل على أنهم نفذوا العملية.

 

ولم تتوقف إيران، فأسقطت أمس الطائرة الاميركية المسيّرة مدّعية أنها عبرت الأجواء الايرانية من دون إذن، وهدّدت بإسقاط أي طائرة أخرى في وضع مماثل كائناً ما تكون جنسيتها.

 

الرئيس الأميركي وصف العملية بأنها «خطأ جسيم» ارتكبه الحرس الثوري الايراني وأنّه يدرس الرد.

 

ولا شك في أنّ صدقية ترامب على المحك، وهو في امتحان كبير أمام العالم خصوصاً أمام الشعب الاميركي غداة إعلان ترامب ترشحه لولاية رئاسية ثانية.

 

عوني الكعكي