تتعاطى المراجع الأمنية برويّة مع التقارير الأمنية والمخابراتية التي يتم تداولها بين اللبنانيين، وتحذّر من التمادي في استخدامها عبر وسائل التواصل الاجتماعي على أنها من الثوابت التي لا نقاش فيها. ويبقى أمام هذه المراجع إقناع بعض المواقع الإلكترونية بعدم نشرها قبل التثبّت منها، ووقف الإستخفاف بمخاطرها على المناعة الداخلية والأمن القومي. كيف ولماذا؟
بقلقٍ كبير، تقارب المراجع الأمنية الشائعات، التي تتناول الوضع الأمني في البلاد. في الفترة الأخيرة راجت شائعات أمنية بالتوازي مع تعليماتٍ قيل إنّ سفارات عديدة عمّمتها لتقييد حركة رعاياها، وعلى وجه الخصوص في بيروت، مع وضع مناطق محددة ومراكز تجارية كبيرة في دائرة الخطر والاستهداف.
هذا المستجد، وكما رفع نسبة القلق لدى المواطنين، دفع الأجهزة الأمنية الى مزيد من الجهوزية، خصوصاً أنّ تلك الشائعات سبقت ورافقت وتلت تفجير «بنك لبنان والمهجر» في بيروت مساء الأحد الماضي.
وبحسب مراجع أمنية فإنّ لهذه الروايات والشائعات والتسريبات مردوداً سلبياً كبيراً على الأمن القومي لما ترتّبه من ردات فعل سلبية تؤثر في إضعاف المناعة الوطنية والأمن الوطني.
وتعترف المراجع الأمنية أنّ طريقة الترويج الإعلامي لهذه الروايات من قبل بعض المواقع الإلكترونية، تشي بأنّ هناك مَن لا يفقه مخاطر تلك الروايات والسلبيات التي قد تترتب عليها، على أكثر من مستوى إعلامي وأمني.
وعليه، تقول المراجع الأمنية، إنّ للتسلّح بالحرية الإعلامية حدوداً وسقوفاً وبالتالي فإنّ الرقابة الذاتية تبقى الأساس وينبغي التحلّي بها بوصفها ضرورة ملحة تتقدم على أيّ أمر آخر. ولا بد في مثل هذه الحالات من استخدام «ميزان الجوهرجي» في التعاطي مع بعض الروايات قبل «لحس المبرد».
ولا ترفض المراجع الأمنية أيّ نقاش في طريقة تعاطيها مع الرإي العام في ظلّ هذه السيناريوهات رغم لجوئها جميعها الى وسائل التواصل الإجتماعي في بث أخبارها وبياناتها وتعاميمها التي لا يمكن أن تقارب أو تلامس مثل هذه التقارير، لكنّ الأخذ بما يمكن بثه واجبٌ بات مطلوباً بإلحاح.
فالأجهزة الأمنية التي تعمل في أسوأ ظروف سياسية واقتصادية وإجتماعية تقارب الكثير من القضايا التي كانت على لوائح المحرّمات من قبل وأنّ الإلتزام بمضمونها يريح الرإي العام والمواطنين والمقيمين على الأراضي اللبنانية ويعزّز المناعة الداخلية التي أفتقدها اللبنانيون لفترات طويلة قبل أن تمسك الأجهزة الأمنية بالكثير من الشبكات الإرهابية والخلايا النائمة التي باتت من العمليات اليومية لهذه الأجهزة لأسباب عدة تتصل بالكثير ممّا كان مفقوداً من قبل وبات متوفراً اليوم ولا سيما التنسيق القائم بين المؤسسات والأجهزة الأمنية والعسكرية على أكثر من مستوى.
وبناءً على ما تقدّم تجهد المراجع الأمنية لرفع مستوى التنسيق مع السفارات والأجهزة الأجنبية في لبنان في إطار خطة باتت واجبة الوجوب – كما يعترف مرجع أمني رفيع المستوى – ليؤكد أنّ مثل هذا التعاون لم يعد سرّاً كما في الماضي.
فالعالم تحوّل «قرية صغيرة» والتعاون مع مختلف الدول في مواجهة الإرهاب المعولم بات أمراً يومياً لإستباق الكثير ممّا تخطط له هذه الجماعات التي باتت تعمل في ظروف هي الفضلى لها بعدما خرقت الأجهزة الأمنية الدولية والحصانات التي كانت تتمتع بها في أكثر من تجربة لم تتردّد الأجهزة الأمنية والإستخبارية الدولية من الإعتراف بها.
وتنتهي المراجع الأمنية الى التعبير عن اعتقادها أنّ بعض ما تشهده الساحة الإعلامية ليس أمراً عابراً وأنّ هناك مَن يقدّر مسبقاً حجم ما يرتكبه.
فخروج البعض على الكثير من المسلّمات بات أمراً عادياً في خدمة أطراف داخلية وخارجية فضلاً عن وجود نوع من الغباء في التعاطي مع بعض الأحداث بما يتناسب وحجم الخبرة البدائية المكتسبة لدى البعض وأخرى يجب أن توضع تحت مجهر البحث عن مصادر معلوماتها فلا يجب أن تقع تحت وطأة أيّ إغراء مادياً كان أم معنوياً، وخصوصاً إذا ما لامس الأمر، عن قصد أو غير قصد، حدود الأمن القومي في الميادين الأمنية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية.