IMLebanon

في الآتي الأعظم..

 

لم يخطئ الافتراض من افترض وخمّن أنّ سوريا ستكون فيتنام أخرى لـِ«حزب الله» أولاً ولإيران استطراداً. وإنها بعد ذلك ستكون مطحنة للادّعاءات والمكابرات. وآلة فضّاحة للقيم والعقائد والسياسات الذاهبة إلى غير مقاصدها والهادفة إلى عكس ظواهرها والباحثة عن أمجادها وسط حطام لا تخفيه كثرة التطبيل وعلوّ الزعيق وامتهان البلف والشطارة في التمويه والتبليغ والتوتير والتزوير.

سوريا فضيحة بقدر ما هي نكبة. وعار على مَن استباحها تحت ستار الذود عنها! ومّن دمّرها تحت ستار الحفاظ على ممانعتها! واستضعف أهلها تحت ستار «الدفاع عن المظلومين»! وخلّع بنيانها تحت ستار تدعيم درعه «المقاوم»! وامتهن مقدّساتها تحت ستار حماية «مقدّساته»! وشلّعها بالطول والعرض أمام القريب والبعيد تحت ستار «منع سقوطها في أيدي الصهاينة»! ومزّق نسائجها وهدّم عمرانها تحت ستار «محاربة الإرهابيين»! واستباح أرضها تحت ستار «حفظ سيادتها»! وخاض في دمها وبؤسها تحت ستار «نصرة المستضعفين» وتسييد العدل!

ولم يخطئ الظن مَن ظنّ منذ الأيام الأولى والدماء الأولى والتبريرات الأولى، أنّ التشخيص الخاطئ قاتل أكيد. وإن تضخيم الذات والدور والقدرات والإمكانات استناداً إلى خلطة حديد ونار وادّعاءات غيبية ووكالات خلاصية حصرية، سيأخذ بصاحبه إلى التيه بعيداً. وسيضعه في سباق مع ضحاياه في حفر المقابر. وبعدها، سيحصد الحنظل ويتجرّع العلقم ويمضغ الشوك ثمّ يمعن في المبرد لحساً على الطالع والنازل غافلاً عن كونه يلحس دمه ويفتك بقيمه ويدمّر مرتكزاته ويحرق بيديه جنى يديه ويترّب بنفسه بنيان فرادته!

ولم يخطئ الظن مَن ظنّ من الأوّل والأساس أنّ خطيئة العارف أمرّ من خطيئة الغاشي والغرّ والمبتدئ. وأن ادّعاءات القدرة على تجاهل طبائع الأمور وبديهيّات الأرض والجغرافيا والتاريخ، هي الوصفة المُثلى للخسران المبيّن: الذاهب إلى العدوان في أرض ليست له وعلى قوم غير قومه لن يعود إلاّ مُدمّى! ومدحوراً ومكسوراً مهما ادّعى العكس وكابَرَ وناورَ واستعارَ من الموروث والمقدّس ما يظنّه غطاءً كافياً لمداراة خطيئته وتورية ارتكاباته وتبرير سقطاته!

.. وورطتُهُ تامّة: إن بقي حيث هو لن يتوقف استنزافه المدرار. وإن انكفأ راح نزيفه هباءً وطارت إدّعاءاته على أجنحة العبث في سابع سماء.. ومصيبته الواضحة أنّه لم يتّعظ من عدوّه الذي نازله على مدى ربع قرن. بل استنسخه وادّعى النكران. وظنّ في حاله قدرة ليست عند غيره. لا عند أعدائه بالأمس ولا عند ضحاياه اليوم!! شطّ في الغرور وانتشى بالبدايات الى أن صار اليوم، وكيلاً لتوليد النكبات وعلى حافة الابتلاء التام بواحدة منها!… والآتي أعظم!