IMLebanon

في تخمينات سعيدة!

 

يمكن الظنّ والتخمين من دون مبالغات ويقينات، بأن ما من لبناني «طبيعي» وتلقائي، إلا ويثمّن إتمام مشاورات التشكيل الحكومي، في أسرع وقت ممكن.. ووفق الممكن التسووي المألوف في نواحينا.

 

سهل التجنّي والافتراء وإطلاق التهم كيفما كان. وهذه «السهولة» في كل الأحوال، كانت موجودة ومرعيّة في الحياة السياسة والحزبية اللبنانية منذ الأزل، لكنها نمت وتوسّعت وتعمّقت في المرحلة التالية للحرب الأهلية، أكثر بكثير مما كانت عليه خلال تلك الحرب. وكانت تلك التوسعة جزءاً أساسياً من «ثقافة» سلطة الوصاية الأسدية، قبل أن يرثها «حزب الله» وأبواقه وعماله ومريدوه والناطقون باسمه ولسانه وخياراته، إلى أن صارت طقساً «نضالياً» قائماً في ذاته، يُستخدم كبديل عنفي لفظي، عن العنف الناري المُستعد دائماً للإطلاق!.. وفي بعض الحالات كتمهيد له!

 

ومع ذلك، يصعب راهناً «اتهام» فريق سياسي معني، وموزون وثقيل، بتقصّد تعطيل التشكيل الحكومي تبعاً لحساباته أو ارتباطاته أو طموحاته السلطوية! وهذا لعمري وشرفي وضميري، تطور محمود ومبرِّد ومنعش في زمن الحماوة (الإقليمية!) والحرارة المناخية، وكثرة الأسئلة التي من دون أجوبة!

 

والافتراض السعيد هذا، ليس وليد أماني وتمنيات غالبة على الحسابات، إنما هو حصيلة تلك الحسابات! وهذه تقول إن الخطب الإيراني الجلل يفرض إيقاعه علينا وعلى غيرنا! و«الجماعة» في طهران يواجهون راهناً تحديّات داخلية وخارجية شديدة الوطأة والتأثير.. ويعرفون أنّ الزمن الأول تحوّل! وأن المساحة التي فُتحت أمامهم أيام السيّئ الذكر (دائماً وأبداً) باراك أوباما أُقفلت من جديد! وأن القدرة على الابتزاز بالإرهاب والتخريب والتدخل الفظّ، صارت مكلفة لهم وليست مجزية! وأن أحداً أو طرفاً أو دولة لم يعُد في وارد «الخضوع» لها! أو مسايرتها لدرء أثمانها! وأن «الأوراق» التي راكمتها القيادة الإيرانية على حساب أهل المنطقة العربية، واستقرارهم وأمنهم ودولهم واجتماعهم واقتصادهم، لم تعد صالحة للاستخدام على طاولة «التفاوض» أو التناتش مع الأميركيين وغير الأميركيين.. بل يُمكن الافتراض بأنها صارت سلاحاً في أيدي هؤلاء يؤثر في «الداخل» الإيراني سلباً، بدلاً من أن تكون في الأساس «سلاحاً» لحماية ذلك الداخل، وفقاً للتنظيرات التي يكثر طرحها هذه الأيام تبريراً، أو لمحاولة تبرير أسباب الأزمات المتفجرة وفشل «دولة الثورة» في معظم أهدافها!

 

أي أن «الأسلوب» المعهود الذي اعتمدته طهران سابقاً انتهى مفعوله! خلق الأزمات والاستثمار فيها وطرح بعضها للمقايضة وغير ذلك الكثير، كله صار، عند صاحب «القرار» الأميركي أولاً وأساساً، زاده الأكيد في حملته السياسية الكبيرة على إيران. ودليله الحاسم على صواب أحكامه وقراراته في شأنها. وحجّته الدامغة في وجه «محاوريه» الأوروبيين! والأساس الذي لا تنقصه الوقائع والحيثيات، الذي بنى عليه مطالعته الأولى عن عقم «التسليم» أو «التسوية» مع نظام «غير موثوق» ما وضع يده في مكان إلاّ وأشعله وخرّبه ودمّره خدمة لطموحاته وغاياته الغريبة!

 

في لحظة الجدّ هذه، تعرف القيادة الإيرانية أن الابتزاز بالتعطيل في لبنان (مثلاً) يؤكد الاتهامات الغربية والعربية لها، ولم يعد ينتج مردوداً نفوذياً. وأن أثمان المكابرة في سوريا ومحاولة الوقوف في وجه «تفاهمات» أو اتفاقات بين «الكبار»، صارت مباشرة ولم تعد بالواسطة. وأن كل «المعنيين» يعرفون تماماً بتاتاً «حدود» ردّ الفعل الإيراني وإمكاناته وطاقاته ومدَياته! ويظهرون كل استعداد ممكن لموازاة ردّ الفعل بالفعل الأول!.. أي الترجمة الفعلية لانتهاء سياسة «الاسترضاء» الأوبامي، الخبيثة والانتهازية بعد أن «وصلت» إلى ما تريد في كل حال: طار مشروع القنبلة النووية، وطارت سوريا! وتخرّب اليمن! وازداد الدمار العراقي! ولعلعت نيران «الفتنة» الإسلامية ووصلت إلى السماء.. واستفاقت إيران من سكرة أوهامها وشعاراتها و«ثورتها» ووجدت نفسها مجدداً أمام أزماتها ومتطلباتها الكبيرة والخطيرة!

 

.. في صلب هذه الصورة وليس على هامشها، يمكن «الاستنتاج» بسعادة وحبور أكيدين، أن اللحظة اللبنانية الراهنة محكومة بالإيجابيات وليس السلبيات، وأول ذلك يعني استمرار التسوية الكبيرة.. وعدم وجود أسباب (غير مألوفة) تمنع ولادة الحكومة العتيدة في فترة قصيرة نسبياً!