فيما يتجه الوضع الحكومي الى مزيد من التعقيد، فان مجلس النواب ليس افضل حالا منه، حيث لم يعرف احد الى الان، ما اذا كان الرئيس نبيه بري في وارد عقد جلسات تشريعية ملحة، لمعالجة القضايا المالية العالقة، وكي لا يقال لاحقا، ان السلطة التشريعية دخلت حيز الجمود، لانها لم تقدر على اجتراح قانون الانتخابات النيابية، ولا هي قدرت على جمع النواب لانتخاب رئيس للجمهورية. وفي الحالين تبقى امور المجلس عالقة حتى اشعار اخر يفهم منه ان رئيس المجلس لن يترك الامور تفلت من بين يديه، طالما انه قادر على عقد جلسات من غير حاجة الى الميثاقية؟!
وفي المقابل، فان الوضع الحكومي مرشح لمزيد من التجاذب على خلفية الميثاقية، مع ما تعنيه من مقاطعة جلسات مجلس الوزراء الى حد شل عمل السلطة التنفيذية من غير حاجة الى القول ان رئيس الحكومة قادر على الامساك بطرفي العصا، كي يحافظ على توازن العمل الحكومي، خصوصا ان ما صدر منه وعنه بالنسبة الى قضية السوريين واللاجئين الفلسطينيين في لقاءاته في الامم المتحدة اظهره كم انه خارج دائرة الممارسة السياسية التي نسمح له بأن يقرر ما اذا كان في وسعه جمع وزرائه على خطة عمل واحدة تنتج مشروعا قابلا لان يعيش ويخدم وجهة نظر لبنان بالنسبة الى كارثة النزوح السوري بصورة واضحة!
والذين على قرب من التيار الوطني الحر يقولون صراحة ان مشروع النزول الى الشارع قد اصبح بمثابة خطوة لتنفيس الاحتقان السياسي في البلد، قبل ان يعرف التيار ما اذا كانت لحلفائه خطوة داعمة، لاسيما من جانب حزب الله والقوات اللبنانية اللذين لم يصدر عن اي منهما انهما على استعداد للنزول الى الشارع، عملا بدعوة التيار، فضلا عن ان وزراء حزب الله لم يقاطعوا الحكومة صراحة على امل ان تنجح مساعي طرف ثالث لتجنب التصعيد مع ما يعنيه ذلك من امكان حصول فلتان امني غير مستبعد (…)
ان السيناريو الذي يشتغل عليه التيار الوطني، ينتظر عودة رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل من الخارج، حيث لا بد من كلام اخر يعزز الاتكال على الشارع من غير حاجة الى انتظار من يؤيد او من يعارض، لاسيما ان التحرك في الشارع مرشح لان يؤدي الى حراك شعبي لا علاقة له بما يطالب به التيار، بقدر ما هناك لائحة مطالب لدى النقابات والحراك الشعبي في وقت واحد مثل تصحيح واقرار سلسلة الرتب والرواتب ومعالجة قضية النفايات العالقة منذ اكثر من عشرة اشهر ونيف؟!
الذين يتابعون عن كثب ما صدر ويصدر عن التيار الوطني، قد لاحظوا بالفعل ان حراك التيار مرشح لان يتطور الى حراك شعبي واسع لا علاقة له بالمطالب، هذا في حال انسحبت المواقف على ضرورة الافادة السياسية والشعبية والمطلبية من كل ما قد يطرأ عندما تصل الامور الى الشارع، وعندها يتعذر على التيار بحجم الحراك الشعبي في حال خرج على وجهة النظر السياسية، وكي لا يقال لاحقا ان الشارع يريد اكثر مما يريده السياسيون بدليل تجاوز اللعبة السياسية غير المرتبطة بالحال المطلبية الشمولية التي يعول عليها البعض للحصول على ما ينادي به؟!
ان مجالات اختراق الشارع ليست صعبة ولا هي مستحيلة من وجهة نظر السياسيين مثل التيار الوطني، لكن الامور مرشحة للفلتان في حال التصدي التقليدي للحراك في الشارع، وهذا غير مستبعد عندما تتطور الامور نحو المزيد من السلبية اضف الى ذلك ان هناك عقدتين من الواجب والضروري مواجهتهما قبل الوصول الى خط اللاعودة الى مؤسسات الدولة، ان لجهة اجراء الانتخابات النيابية وعلى اي اساس قانوني يمكن ان تجري، او لجهة تحريك عجلة الانتخابات الرئاسية العالقة بدورها بين من يرغب في ملء الفراغ الرئاسي، وبين من لا يريد انتخابات رئاسية من غير ان يتوقف عند المعوقات التي تحول دون مقاطعة جلسات الانتخاب (…)
من الان الى حين تحديد الهدف السياسي المطلبي، فان القضايا العامة الاخرى ستبقى عالقة على امل جعل الدولة دولة بصريح العبارة ومن غير حاجة الى من ينزل الى الشارع ليعزز مقولة اللعب على الالفاظ من قبل جميع المعنيين اصحاب العلاقة المباشرة بالتعقيدات السائدة ان في مجلس النواب او في مجلس الوزراء وعندها فقط يمكن القول ان الدولة يجب ان تكون دولة من غير حاجة الى التوقف عند الاعتبارات السياسية الطارئة؟!