باشرت مجموعة من نواب التيار الوطني الحر جولة على الأحزاب والكتل النيابية وربما الفعاليات لاحقاً تحت شعار «التشاور» بحثاً عن مخارج وحلول للأزمات التي يتخبط فيها لبنان بدءاً بالفراغ الرئاسي الى شبه أزمة الحكم المتمثلة بتعطيل التشريع في مجلس النواب، والعجز عموماً من قبل الدولة عن القيام بأي شيء لمواجهة تلك الأزمات.
بداية نود أن نقول إننا مع كل عمل حواري كائناً ما كان هدفه ومنطلقه. ولكننا نستبعد أن يتوصل النواب الجوّالون الى نتيجة لاعتبارات عديدة نود أن نشير، هنا، إلى بعضها:
أولاً – الكتل النيابية كلها من دون إستثناء مرتبطة بـ»مرجعيات» إمّا في الداخل وإما في الخارج وإما في الإثنين معاً… وبالتالي ليس في مقدور تلك الكتل أن تتخذ قرارات «مستقلة».
ثانياً – إن التيار الوطني الحر هو فريق كان في صلب 14 آذار ثم ابتعد عنها وتحالف مع فريق 8 آذار. وبالتالي فإنه حليف لأحد طرَفي الصراع في لبنان، اللذين هما على تحالفات إقليمية ودولية واضحة.
صحيح إن للتيار الوطني الحر طروحات متباينة الى حد الاختلاف عن بعض أطراف فريق 8 آذار (بالذات الرئيس نبيه بري) ولكنه، في النتيجة منسجم مع هذا التحالف الذي ترعاه مع حزب اللّه «وثيقة … التفاهم الوطني» التي وقعها الجنرال ميشال عون والسيد حسن نصرالله قبل عشر سنوات.
ثالثاً – إن الطرح الذي طلع به العماد عون والذي تنطلق منه مروحة الإتصالات الواسعة يتناول أموراً يرتبط تحقيقها إرتباطاً مباشراً بتعديل الدستور.
والواقع النيابي معروف: فمجلس النواب الذي يعجز عن أن يجتمع ليس فقط لانتخاب رئيس للجمهورية بل أيضاً للتشريع ولو في جلسة واحدة، هل يكون حاضراً للإجتماع لتعديل الدستور؟! الجواب عن هذا السؤال معروف سلفاً.
نقول هذا في منأى عن رأينا في طروحات الجنرال، سواء أكان يؤيدها هذا الطرف أم يعارضها ذاك. فكلاهما هو من حيث توصيف الواقع لا أكثر ولا أقل.
إلاّ إذا كان هذا الحراك على قاعدة «اللّهم فاشهد…».
رابعاً – إن أزمة لبنان مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بتطورات المنطقة. وكذلك فإنّ إنتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان هي أيضاً «متشابكة» مع تطورات المنطقة. وهذه التطورات ليست مجانية، إذ لها أبعاد وأهداف و»مايسترو» أو مجموعة مايستروات يديرونها وفق مصالح استراتيجية مهمة، وبالتالي لن يكون مسموحاً لأي طرف من الأطراف الداخلية (وليس في مقدور أي طرف داخلي أساساً) أن يتدخل في هذه المخططات إلاّ من حيث الإنصياع الى تعليمات هذا المايسترو أو ذاك ووكلائه. وعليه الفراغ الرئاسي مرشّح لأن يتمدد إلى ما بعد الصيف وربما الى ما بعد الخريف والشتاء المقبلين أيضاً.
هل يعني ذلك كله أننا ندعو الى تعميق الإحباط؟
كلا، فقط نقول بالحفاظ على الحد الأدنى من ضبط الأوضاع… خصوصاً وأن هذا الضبط الذي ترعاه القوى العظمى ليس «شك» على بياض.