IMLebanon

في الصواريخ الوَرَقيّة!

 

ليس غريباً ولا مفاجئاً أن تستعرض إيران عدائيّتها ضد جيرانها، وآخرهم دولة الإمارات العربية المتحدة.. فذلك سلوك عام ومستدام، خبا مرات وانتعش مرات، لكنّه كان دائماً «متوفراً» ومعبّراً عن سياسة خارجية معتمدة لدى أصحاب القرار في طهران أساسها إشهار الريادة والغلبة في المدار المحيط، أو السعي الى ذلك بكل وسيلة ممكنة.

على أنّ اللافت في اللغة المُستخدمة من قِبَل أساطين القرار الإيراني، وآخرهم محسن رضائي رئيس «مجمّع تشخيص مصلحة النظام» هو اشتماله على مقوّمات عجرفة واستعلاء لا تليق بمن يدّعي القوّة والمحورية والبأس، بل العكس تماماً! وفي ذلك، على ما يمكن الاستطراد والافتراض، أشياء كثيرة بعضها موروث من التاريخ البعيد، من أيام الفتوحات الأولى وموقعة القادسية الحاسمة واندحار الامبراطورية الساسانية، وأسلوب الردّ على الدعوة الى الإسلام، وخصوصاً «رسالة» «القائد رستم» إلى الفاتح العربي سعد بن أبي وقّاص! وبعضها من التاريخ الحديث السابق لـ«الثورة» والكامن عند الشاه الراحل.

على أنّ قادة الإمارات وغيرها من دول الخليج العربي لا يذهبون الى ملاقاة الإيرانيين في «أرضهم»! ولا يدعونهم سوى الى كفِّ شرّهم لا أكثر ولا أقل.. فيما إيران لم تخرج بعد من أَسر التاريخ ولا من عقدة «الثأر» من وقائعه! مثلما لم تخرج من لغة المكابرة والاستعلاء وتضخيم الذات!

واللافت في كل حال، هو أنّ الثورة على الشاه «حرصت» على تطوير مخلّفاته الخارجية بدلاً من القضاء عليها، وخصوصاً في شأن تثبيت احتلال الجزر الإماراتية الثلاث: «أبو موسى» «وطنب الكبرى» و«طنب الصغرى»، والعمل في الإجمال على فرض دور شرطي الخليج العربي، الذي دغدغ طويلاً طموحات «عرش الطاووس»!

وكأنّ أهل الثورة كرّسوا سابقاً ولاحقاً مبدأ الفصل بين الداخل والخارج برغم صدور نتاجاتهما عن الشاه ذاته.. الموصوم أساساً بأنّه طاغوت مستبدّ، وأحكامه (كل أحكامه) باطلة شرعاً: أخذوا المضمون وغيّروا العنوان. بقيت طموحات الدولة القطبية المحورية وفُعّلت لكن تحت شعار «ولاية الفقيه» بدلاً من شعار «الامبراطورية الفارسية» التي يقودها شاهنشاه (ملك الملوك)!

على أنّ كلام رضائي عن أن «الإمارات قصر ورقي يمكن إسقاطه بدون حتى صاروخ» واحد، فيه عجرفة تشبه تلك التي استخدمها صدام حسين إزاء الكويت وسائر دول مجلس التعاون الخليجي. والتي، كما تبيّن، كانت قاصرة عن الإلمام بحقائق الجغرافيا والاستراتيجيا.. مثلما تشبه ذلك الاستخفاف بالحدود السيادية الذي أبداه قادة من «الحرس الثوري» وبعض المسؤولين المركزيّين في أحاديثهم عن «وصول» حدود إيران الى جنوب لبنان! وشواطئ المتوسط! و«السيطرة» على أربع عواصم عربية! و«عودة» بغداد لتكون «عاصمة» الامبراطورية الساسانية. وغير ذلك من الشطط الاستعلائي المألوف هذه الأيام.

لا تضير دولة الإمارات بشيء محاولة جرح كرامتها الوطنية، والمسّ بكيانها العام بمقدار ما تضير صاحب المحاولة وهو الذي يعرف أنّ لغة الصواريخ كانت «ورقيّة»، في البحرين ومع السعودية (أساساً) ولن تنفع مع الإماراتيين! فيما حديث «الإنجازات» و«الانتصارات» تدلّ عليه نكبات أهل العراق وسوريا واليمن، أيّما دلالة!