IMLebanon

في «أم الخطايا»

كان ولا يزال مفهوماً ومعلوماً ومنطقياً، أن «حزب الله» دخل في الورطة السورية وفي ظنّه أنها فرصة له لتأكيد أشياء كثيرة من بينها تصعيب مهمة استهدافه من قبل أعدائه. ودغدغة نوازعه للعب أدوار أكبر من خارطة لبنان، والمساهمة في تثبيت ذلك القوس (المذهبي) الممتد من إيران إلى بيروت مروراً بالعراق.

وكان ولا يزال مفهوماً ومعلوماً في الإجمال، أن الخطايا تأتي دائماً على قدر أصحابها وزيادة! وهذه مصدرها الأكيد مقاربة أمور هذه الدنيا المعقّدة بطريقة مبسّطة، والاستناد إلى فرضية احتكار المدد السماوي لردف حرب اليقينيات والمقدّسات الخاصة في مواجهة الآخرين ويقينياتهم ومقدّساتهم، وغير ذلك الكثير من ضروب الأداء الآتي من امتلاء ذاتي بالغرور والنشوة المدرّعة بالتسليح!

والخطايا عند هذا النوع من متنكّبي الشأن العام، عن طريق الدم وثنائية الموت والحياة، تكون في عُرفهم وحسبانهم امتحان فوق بشري، و»تجربة» ذات أبعاد إلهية أكيدة، لتبيان مدى أصالة الانتماء والأداء وموجبات الممارسة الإيمانية.. ولا يمكن بالتالي إلاّ أن تُعتبر خطايا مباركة! وقبل ذلك، وضع قصة «الخطايا» هذه بين مزدوجين مع علامة استفهام تبعاً لاحتمال الميوعة وغياب التأكيد عن التوصيف من الإساس!

وهذه من مقومات معضلة الآخرين مع «حزب الله» ومع أدائه في السنوات الماضية، بدءاً من لبنان مروراً بسوريا وصولاً إلى اليمن: هو في «مكانة» الفكري والنظري والتعبوي والسياسي، وهم في هذه الدنيا! هو في جموحه الكاسر، وهم على الأرض وحقائقها ومتطلبات إبقاء القدمين عليها! هو أسير يقينيات تتكسر وتتشظى، وهم أسرى أسئلة لا تعوزها كل مقومات القلق!

هذا حزب لا يرى إلى كل البلاء السوري إلاّ من زاوية الهزيمة أو الانتصار! وعند حدّي هذه المعادلة الفظيعة يقف ولا يتزحزح. لا يأبه ولا يرغب في أن يأبه (ولا يستطيع ربما!) للطبيعة الأولى (الصافية!) لذلك البلاء، وهي القائلة أن شعباً كاملاً من أهل هذه المنطقة وأصلها وفصلها وأساسها يُنكب بالتمام والكمال والإجرام! وأن بلداً بحجم سوريا يُدمّر عن بكرة أبيه وأمه ومؤسساته وعمرانه! وأن الفتنة المشتعلة في تلابيب «الأمة» لم يسبق لها مثيل منذ بدء التاريخ! وأن شيئاً مهما غلا وعلا لا يُبرّر كل هذه الأثمان وكل هذا الانكشاف الخطير أمام «الأعداء»!

هذا حزب ظنّ قدرة فيه على اللعب في مسارح عفّ عنها الكبار! وحسبوا ولا يزالون ألف مليون حساب لكل خطوة فيها شبهة تورّط، فيما هو يتغنى بخطيئته ولا يتردد: رأى الفخ واختار تحدّيه! ورأى النار وجرّب مواجهتها! ورأى الكارثة وقرر أنها فرصة! ولاحت أمامه فيتنام السورية فطوى الخارطة ورسم تلال إقليم التفاح!

.. وما كانت «أم الخطايا» سوى توليفة غرور وقصر نظر مغلّفين بنصّ ديني يُقرأ بابتسار واختصار، وعلى كيف قارئه، ليس إلاّ!