بالإذن من السياسة، فالعالم يعيش أسوأ أيامه على مستويات متعددة وليس في السياسة فقط، قبل أيام قليلة ارتجّ العالم وهو يشاهد «قوس قزح» وألوانه تُصادر لتصبح علم «المثليّين» وليجتاح هذا العلم مواقع التواصل الإجتماعي، فيما المؤمنون من جميع الأديان مشفقون ممّا يَروْن، ويدركون أنّ نُذر قيام الساعة تتوالى في الظهور، وأنّ الكرب يشتدّ، وأنّنا في زمن جريان أنهار الدماء نعيش أكثر لحظات الأرض فساداً، في زمن القتل والتقتيل والقتلى والقتلة، حتى بتنا نخاف أن نتنفس الدماء التي تتطاير في العالم العربي، من فرط الجنوح في أعمال القتل تحت مسميات عدّة بدءاً من «داعش» انتهاءً بـ»حزب الله»، كلاهما وجه واحد للإرهاب والقتل العبثي، وصدق رسول الله، صلوات الله عليه، «عبادة في الهرج كهجرة إليّ» [الهرج زمن الفتن]..
والمؤمنون من جميع الأديان مشفقون ممّا يَروْن لأنّهم يدركون حجم فساد النفوس والسّفه الذي تعيشه المجتمعات تحت مسميات «الحريّة» و»الحقوق»، وصلّى الله على من علّم وأنذر أمته وأخبرها بما يكون، فلا تقع هذه الحادثات علينا كالصواعق لأنّنا نعلم يقيناً أن ما قاله الصادق الأمين حقٌّ مبين لأنّه «لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى»، عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: إن من أعلام الساعة وأشراطها أن يكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء.. رواه الطبراني والبيهقي… ومع أنني قرأت هذا الحديث عشرات المرات إلا أنني لم أفهم كلمة «أعلام الساعة» إلا عندما ارتفعت أعلام المثليين احتفاءً في أنحاء العالم!!
نعيش في العالم العربي زمن القتل اليومي من دون أن يرفّ لنا جفن، فقد اعتدنا مشهد الدماء، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق ويكثر الهرج قيل وما الهرج قال: القتل» [رواه أحمد وابن حبان]، وفي صحيح البخاري «استيقظ النبي صلّى الله عليه وسلم من النوم محمراً وهو يقول: «لا إلهَ إِلا اللَّهُ ويْلُ للعرب من شر قد اقترب، فُتِحَ اليومَ من ردم يأجوجَ ومأجوجَ مِثْل هذه وعقد تِسعين أو مائة» قيل: أونَهْلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: نَعَم إِذا كثر الخَبَث».
وقد كَثُرَ الخَبَث، وفينا الصالحون، وروى البخاري ومسلم من حديث الزهري، عن أسامة بن زيد قال: أشرف النبي صلّى الله عليه وسلّم على أطم من أطام المدينة فقال: «هَلْ ترون ما أرى؟» قالوا: لا، قال: «فإني لأرى الفِتَنَ تقع خِلالَ بيوتكم كَوَقْع المطَر»، وهي اليوم كذلك تقع علينا كوقع المطر، وأخرج البخاري في الصحيح والترمذي في سننه، حديث النبي عليه الصلاة والسلام: «إصبروا، لا يأتي عليكم زمان، إلا الذي بعده شرّ منه، حتى تلقَوْا ربّكم»، وعلاج شرّ أيامنا وشرّ زماننا هو الصبر، نسأل الله أن يفرغ علينا صبراً، ونعوذ به من شرّ زماننا وأيامنا، ومن شرّ الشرير والشريرين..
وفي سنن أبو داود عن عبد الله بن عمر يقول: «كنا قعوداً عند رسول الله فذكر الفتن فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل: يا رسول الله وما فتنة الأحلاس؟ قال: «هي حرب وهرب، ثم فتنة السراء دخلها أو دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه ابني وليس مني إنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع، ثمٍ فتنة الدهيماء لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته حتى إذا قيل انقضت عادت يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو من غده» صدق رسول الله صلوات الله عليه…
اللهمّ في هذه العشرة الباقية من شهر رمضان المبارك إرحمنا برحمتك واكشف عن عبادك يا رحمن شرّ كلّ ذي شرّ، وارحم ركّعاً سُجّداً، وشيوخاً ورضّعاً، وأخرجنا من هذه الدار غير مفتونين يا رب العالمين، فقد اشتد علينا الظّلم والظلام.