Site icon IMLebanon

في التحرّك الروسي

 

يُرجع ميشال كيلو، وهو أحد أبرز وأنبل الشخصيات السورية المعارضة، الحركة الروسية اللجوجة باتجاه تسويق خبرية الحل السياسي للنكبة في بلاده، الى تيقّن موسكو من ان سلطة بشار الأسد تلفظ أنفاسها الاخيرة، ومحاولتها تبعاً لذلك، الالتفاف على هذه الحتمية من خلال طرح فكرة استقبال مؤتمر يستند شكلاً الى «جنيف 1» لكنه عملياً وواقعياً، ينسفه من جذوره!

.. وبالتالي تحاول إدارة بوتين القفز فوق جملة معطيات دفعة واحدة، في مقدّمها كسر الفكرة المركزية لـ»جنيف -1» القائمة على مبدأ تغيير النظام، بمشاركة أقطابه، بعد المرور في مرحلة انتقالية.. والعودة الى المربع الأول حيث الأسد «يتنازل» عن بعض الصلاحيات لمصلحة معارضة منتقاة. وكأن شيئاً لم يكن منذ العام 2011 حتى اليوم!

أي ان موسكو تناور سياسياً لتكمل ما تفعله «داعش» الأحجية ميدانياً. بحيث ان الهدف المركزي المشترك والموحّد هو القضاء عملياً وواقعياً، على ثورة السوريين ضد سلطة المافيا المهجّنة بالحزب والعائلة والبُعد الفئوي الواضح: تطرح في الظاهر نصاً استيعابياً توافقياً، لكنها تهدف في الواقع، الى جعل كل الدماء التي سالت على مدى اربع سنوات هباءً منثوراً، وكل الدمار الذي أحاق بالعمران السوري حلم ليلة صيف! وكل البلايا التي أصابت معظم السوريين، تدريباً روتينياً على مواجهة الكوارث!

لعبت موسكو بقدر إيران، الدور الأبرز في «إنضاج» نكبة السوريين. وتحاول الآن «إنضاج» فكرة تجاهل تلك النكبة واعتبارها لم تكن! تطرح حلاً سياسياً على قياس مصالحها ومصالح بقايا سلطة الأسد، وتريد تسويق ذلك باعتباره زبدة الحرص على سوريا وأهلها ووحدة ترابها الوطني.. وذلك دجلٌ في قمة تجلياته، خصوصاً ان هذه الروسيا تحديداً لا تملك غير الحديد والنار لمنع الاوكرانيين من إكمال سيادتهم الوطنية واستقلالهم السياسي وخياراتهم الأوروبية.. فيما هي غائبة، في الحضور والوعي، غياباً تاماً من دون أية شوائب فيه، عن ممارسات سلطة اليمين المجنون في تل ايب إزاء الفلسطينيين.

.. صحيح ان المعارضة السورية تشظّت وأصيبت بسهم «داعش» إصابة حرزانة، لكنها رغم كل شيء.. رغم فظاعات السلطة الأسدية ومناورات الروس وتدخلات الايرانيين وتراخي الغرب، لا تزال قائمة ومستمرة، ليس لأنها قوية (وهي قوية!) بل لأنها تواجه سلطة أفلت وانتهت!

.. ومهما فعلت موسكو وطهران فإن هذه الحقيقة البسيطة لن تشوَّه!