– لو فيغارو
في «الدولة الشيعية»، الغضب مستمرّ. بعدما بدأت الاحتجاجات في 8 تموز في مدينة البصرة النفطية الكبيرة، باتت الآن تنتشر تدريجاً في مدن أخرى، مثل مدينة النجف الشيعية المقدسة.
يدين عشرات الآلاف من المحتجّين الذين نزلوا إلى الشوارع فساد قادتهم، على رغم أنّ أصل بعض هؤلاء القادة هو من الجنوب، إضافة إلى غياب الخدمات العامة والإهمال الذي تُعامل به حكومة بغداد المركزية هذه المنطقة الغنية بالنفط. وأسفرت أعمال القمع عن مقتل 8 أشخاص من بين المتظاهرين و280 جريحاً من بين قوات الأمن.
وتذهب أسباب صرخة الغضب هذه إلى أبعد من مسألة قطع الماء والكهرباء الذي تعاني منه «الدولة الشيعية»، وتعود إلى عجز السلطات العراقية عن حسن إدارة بلدهم. وبعد خمسة عشر عاماً من تحرير العراق من قبل تحالف عسكري دولي بقيادة الولايات المتحدة، تُجسَّد خيبة الأمل بأصوات الجنوبيين التي تطالب باستقلال للمقاطعة مثل الذي يستفيد منه أكراد محافظات الشمال منذ عام 2003.
تحالفات مُستبعدة
«لا سنّي ولا شيعي»، يردّد العديد من المتظاهرين، في إشارة إلى الانقسام الذي حطّم المجتمع العراقي لوقت طويل بعد صدام حسين. لقد سئم الشعب العراقي من رؤية ثروة قادتهم تزداد في حين أنّ حياتهم اليومية لا تتحسّن.
ومنذ حوالى 15 يوماً وآية الله علي السيستاني، أعلى شخصية شيعية عراقية، ومقتدى الصدر، الفائز بالانتخابات النيابية في 12 أيار الماضي، يؤمّنان لهم الدعم. ولكن، بعد أكثر من شهرين من صدور حكم صناديق الإقتراع، والأحزاب السياسية العراقية لا تزال تحاول تأليف تحالفات مستبعدة لحكم البلد.
هذه الثورة خبر سيئ لبغداد. إنّ الانتفاضة السنّية الناجمة عن تهميش السنّة منذ عام 2003 قد نشأ عنها «داعش»، الذي تخلّصت منه العراق للتو. فإلى ماذا قد يؤدّي هذا الغضب الشيعي؟ نرى المزيد من الاضطرابات على المدى القصير. تمّ تحطيم العديد من المراكز التابعة للميليشيات الشيعية الموالية لإيران التي دخلت قوات الأمن في عدة مدن.
وبحثاً عن تحالفات انتخابية للحفاظ على نفسه في السلطة، ذهب رئيس الوزراء حيدر العبادي، المنتهية ولايته، إلى البصرة، واعداً بتعزيز الاستثمارات مجدّداً. إلّا أنّ الأمر يحتاج إلى أكثر من مجرّد وعود لتهدئة حقد الجنوبيين.