Site icon IMLebanon

في الأضواء وفي الظلال

يفرض ذاته، على الإستحقاق الرئاسي، هذا الغموض الذي يختلف عن غموض المرحلة السابقة بأنه يخفي حراكاً محموماً وصراعاً يحرص أطرافه على تصويره بأنه مصيري. وتكفي نظرة واحدة الى الرحلات المكوكيّة التي يقوم بها الرئيس سعد الحريري ليتكشف أي جهد يبذله قبل إتخاذ القرار الذي بات موعده في بورصة الرهانات. إذ يقول البعض انها مسألة أيام معدودة إن لم تكن ساعات و»ينطق« الشيخ سعد بالكلمة السحرية. أياً كانت هذه الكلمة: إيجابية أو سلبية في ما يتعلق بدعم ترشيح العماد ميشال عون. وفي تقدير البعض الآخر أنّ سعد الحريري غير مستعجل، لأنّ القرار ستترتب عليه نتائج قد تكون لها تداعيات شديدة الصعوبة، وقد تكون »أسهل من شربة مي«، كما قال أحد التقارير الذي شرح صاحبه مفهومه للسهولة.

وخارج النشاط الحثيث الذي يبذله الحريري ويتكبّد في سبيله متاعب الحل والترحال شرقاً وغرباً، وفي الإقليم أيضاً، بعدما جال على القيادات في الداخل… هناك الحراك الذي قام به التيار الوطني الحر مع أطراف عديدة على الساحة اللبنانية. ولكن ثمة ما يجري بعيداً عن الأضواء، بين أطراف فريق 8 آذار، وهو غير قليل. فالمعلومات المتوافرة لنا تشير الى أن اللقاءات بين أركان الثنائي الشيعي لم تنقطع، بل ارتفعت وتيرتها في الأسبوعين الأخيرين، وإن »زق الصحون« لم يتوقف بين سماحة السيد حسن نصراللّه والرئيس نبيه بري. وفي هذا السياق، ادعى من يزعمون  أنهم »يعرفون« بما يجري تحت الغطاء أنّ موقف الرئيس نبيه بري قد تدرّج من الرفض المطلق لتأييد الجنرال ميشال عون الى الحياد، ثم ارتقى الى القبول إثر »التسوية« التي أشار إليها أمين عام حزب اللّه عندما دعا العماد عون، بصورة غير مباشرة، الى حوار مع رئيس المجلس ورئيس تيار المردة، أي ان بري يشترط التسوية في إطار سلّة التفاهمات.

وفي المقلب الآخر، في غرب البحر الأبيض المتوسط، تنشط إتصالات أبرزها ما يتولاه الڤاتيكان وأيضاً باريس، إن في ما بينهما أو مع أطراف ثالثة ورابعة وخامسة…

والمعلومات المتوافرة تشير الى أنّ فرنسا مرتاحة الى إتجاه الرئيس سعد الحريري الى دعم ترشيح عون للرئاسة. وبموجب ما قال لنا سفير فرنسي سابق: إن باريس تشعر بعقدة ذنب تجاه الجنرال لأن واجبها كان الحفاظ عليه في المقر الرئاسي ومنع حصول الغارات السورية على قصر بعبدا. وأضاف السفير السابق يقول لنا: لو فعلنا ذلك لما كان النفوذ الفرنسي قد تقلّص في لبنان الى الحال التي وصل إليها… وهو واصل إنسحابه من الساحتين السياسية والثقافية خصوصاً بعد إستشهاد الرئيس رفيق الحريري الذي كان لصلاته القوية مع الرئيس جاك شيراك وسائر القيادات والزعامات الفرنسية دفع لتلك العلاقات…

وأمّا الڤاتيكان فهو مهتم، في المبدأ، بملء الفراغ الرئاسي. وهو يرحب بالمبادرة الحريرية… وليس له مرشحون للرئاسة في لبنان، ولكنه، »عند الضرورة« يزكّي أحدهم، وهو إسم متداول بين عواصم عربية ودولية وقلّما يجري تداوله في وسائط الإعلام.