IMLebanon

في «العاصفة» مجدداً

تُقدِّم إيران وليس غيرها، ويوماً تلو آخر أبلغ المؤشرات الدالة على أن «عاصفة الحزم» كانت أسوأ ما أصابها وأَلْحَقَ بسياساتها وحساباتها أفدح الخسائر.

وفي ترتيب تلك الخسائر، تبدو تلك العاصفة بالنسبة إليها، أسوأ بكثير من رؤية تكسّر منصّتها السورية بالتدريج والتقسيط.. بحيث يمكن، ومن دون الإكثار من البهرجة التوصيفية، وضع الأسابيع المعدودة التي مرّت على اليمن، في كفة موازية للسنوات الأربع التي مرّت على سوريا.

ويمكن لإيران وصنّاعها ومريديها وعمّالها والناطقين باسمها، النقر إلى ما شاء الله على خبرية «عدم تحقيق» الأهداف التي أعلن عنها في بداية الحملة المضادة للانقلاب في اليمن.. ويمكن الإيغال والذهاب بعيداً في خطاب السفور المذهبي طالما أنها تفترض ذلك سلاحاً سياسياً ناجحاً في نطاق سعيها المحموم الى بناء حيثية «الدولة العظمى»! بل يمكن لها أن تطور لغة الاضطراب التي تعتمدها تحت وطأة الشعور العميق بالهزيمة، باتجاه تحويلها الى بلاغات وعظية تارة ومطوّلات شتائم تارة أخرى.. لكن ما لا يمكنها أن تفعله بالتأكيد هو الاستمرار بالتصرف مثل الهواة بين محترفين. أي أن تقول للمفاوض الأميركي (والغربي عموماً) أن رماد مشروعها في اليمن هو ورقة ذهبية تحملها في يدها وترميها ساعة تشاء في سوق التفاوض طالبة في مقابلها اعترافاً صريحاً بجبروتها الاقليمي!

تعرف، مثلما يعرف تماماً كل مروجي بضاعتها في المنطقة وخارجها، ان «عاصفة الحزم» شلّت انقلابها اليمني ومنعته من الاستقرار، ليس في صنعاء وحدها بل في كل الجغرافيا اليمنية، مثلما بخّرت أي ادعاء لوجود قدرة لديها على التحكم بالممرات المائية الاستراتيجية انطلاقاً من باب المندب. بل الواقع الذي لا يُنكر هو أن العاصفة العربية عطّلت بشكل تام أي حركة جوية أو بحرية عدائية إيرانية، ليس فقط باتجاه اليمن، بل باتجاه كل منطقة الخليج العربي. وذلك في الحسابات الاحترافية يعني هزيمة واضحة لها حتى لو لم يكن «الانتصار» عند الجهة المقابلة، مُنجزاً وتامًّا.

الفارق الجوهري بين السياسة الايرانية، والسياسات العربية والاسلامية المضادة لها، هو انعدام الحساسية عندها إزاء الدم المسفوك والأرواح المهدورة والخراب المستشري. بحيث أنها لا تجد في ذلك كله، في نكبات اليمن وسوريا والعراق، سوى ساحات ومنصّات نفوذ لها، قائمة أو محتملة. وذلك في خلاصته يستحضر التاريخ السابق على «الثورة الاسلامية» ولا يترك لهذه «الثورة» سوى الادعاء الفارغ من أي مضمون. أكان هذا اسلامياً أو انسانياً يُتوّج صخبه بشعار المظلومية والمستضعفين.. وما شابه من عزف على وتر الحق والباطل!