كأن النكبة السورية لم تكن كافية وحدها لإتمام وإنضاج التوصيف القائل بأن السياسات الخارجية للرئيس الأميركي باراك أوباما، كانت كارثية وولّادة مخاطر، بعضها غير مسبوق منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فجاء قرار الكونغرس الصادم ليكمل المشهد ويضيف المزيد من الصدقية على تلك الخلاصة «العلمية»!
ولكثيرين من أهل الاختصاص بالدواخل الأميركية وبآليات الحكم والتشريع وتفاصيل توزع السلطات وعمل الادارات، ان يُدخلوا قرار الكونغرس في متاهات الفذلكة والتفسير المتصلة بتلك الدواخل، لكن لا يمكن أحد أن ينكر، أو أقلّه أن يتجاهل، أن هذا التطور السلبي في العلاقات الاميركية ـــــ السعودية (والعربية عموماً) الأخطر من نوعه منذ سبعة عقود، قد تم في ظل إدارة مستر أوباما، وبالاتكاء على السياسات التي اعتمدتها إزاء المنطقة ومكوناتها في الإجمال والتفصيل، والتي لا يمكن عاقل أو غافل، أن ينكر، أو أقله أن يتجاهل، انها اصطفّت (شكلياً!) قصداً وعمداً، مباشرة ومواربة إلى جانب إيران منذ ما قبل «الاتفاق النووي»، وازدادت وتيرة ذلك بعده. ومن العراق إلى سوريا، مروراً (بالمناسبة)، باليمن وإن كان ذلك بخفر وهدوء وبعيداً من ضوضاء الإعلان والإعلام، حيث هناك تفاصيل يعرفها كثيرون في واشنطن وخارجها.
لا يمكن تجاهل المقدمات التنفيذية لذلك القرار التشريعي، أو المقدمات الخارجية لذلك، القرار الداخلي. ولا يمكن الفصل بين «التصويت» الكاسح والسريع في مجلسي النواب والشيوخ، على نقض فيتو رئاسي، عن مناخات وسياسات الرئاسة في البيت الابيض! وعن الاستراتيجيات والتكتيكات التي اعتمدتها تلك الرئاسة، والتي حار في أمرها وداخ كبار وصغار، في إدارة أوباما وداخل الولايات المتحدة، وفي مراكز صنع القرار في الدول الحليفة والصديقة، كما في المنطقة العربية والاسلامية على حد سواء!
في مكان ما، هناك «انطباع» عام يفيد بأن «الاسلاموفوبيا» متحكّمة بالذهن السياسي الأميركي. البعض يعبّر عن ذلك بصلافة وجلافة على طريقة دونالد ترامب، والبعض الآخر يتخابث ويداري ويعتمد التورية على طريقة أوباما..
وفي ذلك حقيقة لا تُنكر مفادها ان البيئة التعبوية الفتنوية التي أوجدتها إيران واشتغلت على تفجرها تبعاً لحساباتها السياسية (وعِقدها!) التاريخية والمذهبية، ارتدّت سلباً على الجميع! على الإسلام وليس على مذاهبه! وعلى نصوصه الأصلية وليس على مدارسه وفتاواه وهوامشه! وفي هذا تماماً، يمكن الحكم (بضمير مرتاح!) بأن ايران زرعت ما يقطف منه أوباما من جهة وبوتين من جهة ثانية! وان إيران ارتكبت أم الخطايا، وغيرها في الغرب عموماً وفي الولايات المتحدة خصوصاً، رعى أولاد تلك الأم، عبر قرارات خاطئة، ومقاربات مبتسرة وقاصرة عمداً! أساسها تأويل النص المقدّس وإلباسه مثالب الممارسة!
البعض يذهب إلى الافتراض، ان أوباما اعتمد ويعتمد استراتيجية إزاء المنطقة العربية والاسلامية، لم يضعها هو بل «المؤسسة» الأميركية، الأكبر من الرئاسة! ومن كل مؤسسات الإدارة في البيت الابيض! وذلك ممكن، إذا استمرت السياسات الخارجية على ما هي عليه مع الإدارة الجديدة، أكانت جمهورية بقيادة ترامب أو ديموقراطية بقيادة كلينتون، (والبحث في هذا طويل عريض).. لكن، حتى إن صحّ ذلك، فهو لا يُعدّل «الانطباع» العام القائل، بأن مستر أوباما فشل حتى في تنفيذ تلك الاستراتيجيات وتسويقها! ويمكن بالتالي وصفه بأنه متخابث! لأن الخبيث أذكى من ذلك!