فوجئت إيران بقطع السعودية العلاقات الديبلوماسية (وغير الديبلوماسية) معها مثلما سبق لها وفوجئت بـ»عاصفة الحزم» التي صدّت محاولتها خطف اليمن وضمه إلى محورها التنويري الذي تتلألأ إشعاعاته في كل اتجاه فتنوي ممكن!
والواقع يقول، إنها ستفاجأ بما هو أكثر من ذلك! تبعاً للمشكلة الحسابية الخطيرة التي يعانيها عقلها السياسي، والتي دفعتها إلى «البطر»، والذي (عملاً بالحِكم الخالدة) أنتج عندها قصوراً في الرؤية، والذي دفع بدوره إلى إساءة تقدير مزدوجة: واحدة لحجم قوتها، وثانية لحجم قوة الآخرين.
الجديد، في إطاره العام، هو أن «عاصفة الحزم» أطلقت مواجهة عسكرية في حدود الجغرافيا اليمنية. لكنها أطلقت إشارات أبعد من تلك الحدود، تتعلق بقرار مركزي كبير هو التصدي للغُلوّ الإيراني أينما تمظهر! وانطلاقاً من اعتبارات، لا يمكن لأهل الحق، أن يجادلوا في أحقّيتها. وهذه تقول إن إيران هي التي «تفلح» في أرض العرب ودولهم ومجتمعاتهم وكياناتهم وثرواتهم، وليس العكس.. ليس العرب هم أصحاب «مشروع» لا ينتعش إلاّ على حساب إيران ودماء الإيرانيين واستقرارهم الاجتماعي والجغرافي والاقتصادي، بل العكس! وليس العرب هم من يدّعي فتوحات وبطولات ومنصّات نفوذ في أقاليم إيران وأقوامها، بل العكس.. وعلى ألسنة كبار فيها، في السياسة والعسكر والأمن.. والدين!
ما كانت معاني «عاصفة الحزم» منذ انطلاقتها في اليمن، تحتاج إلى عقول استثنائية كي تُفهم تماماً! لكن إيران أصرّت، تبعاً لذلك البطر الاستعلائي، على تجاهل الحقيقة والتمسك بالوهم. وظلّت تتصرف على أساس غياب التكافؤ بين الفعل وردّ الفعل.. فوجئت تبعاً لذلك، بانطلاق تلك العاصفة وبالإصرار على إفشال انقلابها عند حافة الخليج العربي وأخطر وأهم ممرات الطاقة. ثم فوجئت راهناً برمي قفّاز التحدي في حضنها، وتأكيد الذهاب في صدّها وصدّ تدخلاتها وافتراءاتها إلى آخر المطاف!
وحده عقل قطعي وأحادي الإنتاج والاستنتاج، ودائخ بالبطر، يمكنه أن يفترض أن الواقع العربي في نواحيه المتفجرة كان يمكن له أن يستمر تحت وقع كل ذلك الضيم والبلاء من دون أن يتحرك لمواجهته.. ما يحصل راهناً وقد يحصل لاحقاً، هو تعبير عن ذلك التحرك المضاد، الذي لن يفاجئ على ما يبدو.. إلا إيران!