IMLebanon

في ثورة السوريين

 

سوداء النكبة السورية إلى حدود مستحيلة. لكن فيها، على عادة النسبية النافية للمطلق، والسامحة لهذه الدنيا أن تسرح كما هي في نقطة وسط بين الخلود والفناء، بقع ضوء لا يستطيع أحد أن يُطفئها، أيًّا كان ذلك الأحد، حتى ولو كان باراك أوباما ومعه فلاديمير بوتين وإلى جانبهما «المرشد» الإيراني، وكل العدّة التي يستند إليها بشار الأسد للبقاء حيث هو.

وبقع الضوء تلك على صِغَرها تختصر العالم.. ساطعة في وهجها وقادرة على الرغم من وطأة الليل وظلامه، على التمدّد في اللحظة المناسبة لإعادة تسييد الضوء وجعل الغد السوري أحسن من يومه الراهن، وبما يتناسب ويتلاءم مع التضحيات العجيبة والفظيعة التي تُبذل، والأرواح التي تُزهق، والدماء التي تُسفك.. وأن تعيد بعد ذلك، الاعتبار والاحترام لسيرورة التاريخ والزمن، باعتبارها سيرورة باتجاه واحد. إلى الأمام وليس إلى الخلف: ما مضى راح ومضى، والاستحالة لا تليق إلا بأوهام إعادة إحياء العظام الرميم!

فرادة ثورة السوريين الأحرار تبدأ من أصالتها، ولا تنتهي عند دأب أهلها وتمنطقهم فعل الإصرار حتى لو كان جمراً وناراً وبلايا وأوجاعاً وأحزاناً أكبر من كل محيطات الأرض.. وفرادة ثورة السوريين الأحرار في أنها لم تأخذ إذناً مسبقاً من أحد. ولم تشعر بالتيه تحت وطأة الأدوار والأيادي التي امتدت إليها. ولم تركع أمام ذلك العسف الذي لا يُقارن، ولا أمام طوفان الاستبداد وتآلفه مع الغدر والتخلّي وتشويه المرام والأهداف. ولم تستكِن للإقامة الجبرية بين عدمين: عدم السلطة الغاشمة واجرامها ونصّها الانتحاري، وعدم التكفيريين العدميين وارتكاباتهم المخزية ونصّهم المزوّر والمشوّه، وإجرامهم الذي يؤاخي العبث والريح الصفراء!

.. وفرادة ثورة السوريين، في أنها أكبر من الضّب والاستيعاب والقولبة والكرسحة.. وهي الصبر زادها وخليلها ورفيقها وعشير العمر.. والتحمّل شعارها ولبّ شرعيتها. والتاريخ لها وليس عليها ولا لغيرها. وفي صفحاته سيُكتب أن ما قبلها غير ما بعدها. وأن قوى عظمى جبّارة ومتجبّرة، كبيرة ومستكبرة، فعلية وموهومة مرّت عليها ولم تكسرها، وفاضت في تشويهها ولم تحرقها!

وفرادة ثورة السوريين الأحرار، في أنها أكبر من خرائط المصالح الدولية.. وزئبقها لا تلجمه ولا تحصره مستوعبات البيع والشراء في أسواق المفاوضات النووية وغير النووية. وزخمها أعنف من ترويضات السياسات الخبيثة والمرامي الأخبث. ووهجها أسطع من المدوّنات الصفراء لأدعياء الحرص على شرعة حقوق الإنسان.. فرادتها، في أنها لا تعتبر نفسها بضاعة معروضة في سوق بلا أخلاق، ولا سلعة في أيدي تجّار بلا ذمّة!

ثورة لم تُهزم بحديد الأسد وبوتين و»الحرس الثوري»، ولن تهزم بحرير مزعوم مدموغ بسياسات مستر أوباما!