IMLebanon

في المختصر الإرهابي

 

تَظَلُّم «حزب الله» من اعتباره تنظيماً إرهابياً، هو جزء أصيل من تركيبته الذهنية المبنية على أساس عريض مفاده أنّه دائماً على حق، تبعاً لكونه أساس «الفئة الناجية»!

وتلك المناحة تجعله غير قادر على الخروج من ذاتيّته في كل شأن تنكّبه وكلّ قضية طرحها وكلّ كارثة تورّط فيها. وصولاً إلى تفخيم الموت كأنّ الناس خُلقت كي تموت فقط! وإلى تقديم «العليا» على «الدنيا» مع ادّعاء احتكاره كل الطرق المفضية إلى الأولى! ثمّ بعد ذلك اعتماده قياساً مناقضاً عماده أنّ كلّ من والاه هو في موقع القداسة حتى لو كان عَلَماً من أعلام الأبلسة مثل رئيس سوريا السابق بشار الأسد تحديداً.

وفي حالته هذه يصير عادياً عنده أن تُعاد نكبة فلسطين في سوريا مكرّرة ومضاعفة! وأن يقبل ثم يشارك في الفتك الجماعي بملايين السوريين، وفي تدمير دولتهم تماماً، فقط لأن «السلطة» فيها جزء من منظومته «الذهنية» والسياسية.. والمذهبية! ثم أن يعتبر أنّ عنوانه «المقاوم» ضد الإسرائيليين (سابقاً!) في جنوب لبنان، هو تكثيف تلقائي لجملة عناوين فرعية تتصل بما يُتّهم به، من أعمال توصف بالإرهابية (نيابة عن إيران) وعلى مساحة جغرافية تمتد من لبنان إلى أميركا إلى أوروبا الغربية إلى جنوب شرق آسيا مروراً بمعظم دول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية!

بل أكثر من ذلك: يعتبر تلك الأعمال الموصوفة إرهابية جزءاً من مهامه «الشرعية»! وترجمة للولاء الصافي لمرجع الولاية! و«الحلال» فيها لا يُناقش، تماماً مثل «الحرام» في رفضها أو التوعّد بمعاقبة منفّذيها! عدا عن أنّها تخدم سياسات إيرانية مباشرة أكثر من كونها مبدئية على غرار أعمال بعض الجماعات الفلسطينية مثلاً في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.

وتماماً لأنّه جزء من مشروع إيران وأبرز حربة في حرابه المرفوعة منذ نحو ثلاثة عقود، فهو مؤهّل لأن يدفع أثمان ما يُتّهم به! وما تسعى إليه إيران! برغم المفارقة الكامنة في حقيقة، أنّه دفع سابقاً عن إيران ثمن ارتكابات إيران! وبقي في مرمى الاستهداف حتى في الوقت الذي كانت مرجعيّته تنظّم شؤون وشجون «عودتها» إلى «الأسرة الدولية» من خلال الاتفاق النووي وملحقاته المنظورة وفي قمّتها رفع العقوبات المديدة عنها! أي إنه في الحالتَين التهدويّة والتصعيديّة يجد نفسه في موضع الصدارة الاستهدافيّة!

وذروة الضنى، أنّه ديني تماماً فيما مرجعيّته الإيرانية نفسها تسعى في كل اتجاه (غربي وروسي وصيني) لتؤكد دنيويّتها! ولتسدل الستارة على الفصل «المهدوي» في بُنيتها السلطويّة بعد أن استنفدت مفعولها غداة «الاتفاق النووي» إيّاه! راح أحمدي نجاد مع «رؤاه» إلى البيت وجاء الشيخ حسن روحاني! ويجول محمد جواد ظريف في العالم وتغيب صورة الجنرال قاسم سليماني! وحتى في «شكل» الحوار التوعّدي الصاخب الدائر راهناً مع إدارة دونالد ترامب، تحرص إيران على تظهير الوجه الديبلوماسي وتغييب الوجه «الثوري»! والرسالة الواضحة، هي أنّها «لا تريد» أي تصعيد دولي! ولا أي «مواجهة»! ولا أي حرب! ولا مزيد من العقوبات.. لكنها في المقابل «لا تريد» أي تراجع عن ما تعتبره «مكتسباتها» و«إنجازاتها» في ديار العرب والمسلمين! ولا يهمّها في واقع الحال سوى العودة، بأي ثمن (؟!) إلى السياسة الأوبامية التي سمحت لها بما سمحت! ودفعتها قُدُماً إلى الغلوّ في شططها المذهبي و«فتوحاتها» القومية وسعيها إلى المحورية المدّعاة!

ملف الإرهاب، كان جزءاً من عدّة شغل صاحب الشأن الإيراني وملحقاته. وطبيعي أن يكون في المقابل جزءاً من عدة الشغل العقابية للمتضرّرين منه، عربياً ودولياً! والأكثر مرارة بالنسبة إلى «حزب الله»، هو أن يُدرج بكليّته تحت تلك الخانة.. ولا شيء آخر!