IMLebanon

في أشياء «المنتصر»

 

في الصغيرة والكبيرة تلهج جماعة بشار الأسد رئيس سوريا السابق بمقولة «انتصاره» في حرب تصفية ثورة السوريين. وتضعه مجدّداً في موقع القادر على الفعل واتخاذ القرار وتوزيع الأدوار وأوراق «النفوذ» على الأتباع والملحقين والمخبرين وكتبة التقارير.. إلخ.

 

وفي ذلك شيء من الصحّ وأشياء من التزوير والبلف والكذب بكل طبقاته وأصواته وأنواعه.. سوى أن الصحّ نسبي، والباقي كامل تمام الكمال. بمعنى أن العنوان الراهن لنكبة سوريا هو انكسار البيئة المُعارِضة وبقاء العصبة الأسدية في مكانها. لكن لائحة «المنتصرين» الفعليين الطويلة تضع الروس في رأسها والإسرائيليين وراءهم وتترك للفتات والحطام السوريَّين عنواناً ملتبساً لا يوجد «أفضل» من الأسد لتلبّسه!

 

وفق ذلك القياس تلهث تلك العصبة لإعطاء الفتات طابع البضاعة الصلبة! والحطام نكهة العمران الذي لم يبقَ لإتمامه سوى حواضر الشمال المحاذية لتركيا.. وبضعة ملايين من «الإرهابيين» الذين سيعرض عليهم (ربما؟) ما عُرِضَ على نظرائهم في الغوطة والجنوب، أي التسليم أو الإفناء، قتلاً أو تهجيراً!

 

وتدخل على الهامش هنا استعادة الأداء في شكله برغم غياب مضمونه. وتعود التركيبة الحليفة (اللبنانية) لتلعب دور مكبّر الصوت! الذي يعبّئ الهواء بالهواء، ولا يقدّم من المشهد إلاّ الضجيج الآتي من ترداد صدى الخواء. وهذا في المعلوم، ضرب من البلف الصاخب وإلا لكان لقرع الطبول فعل الحديد والنار وليس صوت الفراغ!

 

في أي ناحية «سيادية» يُقرّر بشار الأسد؟! في ترتيبات الحدود الإسرائيلية؟ أم في ترتيبات الحدود التركية؟! أم في قصة إعادة النازحين؟ أو في مصير «النفوذ» الإيراني؟ أو في بقاء أو رحيل القواعد الأميركية في الشرق؟! أو في ترتيبات ما يُسمّى بـ«الحل السياسي»، أو حتى في تحريك بقايا قطعاته العسكرية في أي اتجاه؟ أو في تنظيم ومسك النقاط الحدودية مع لبنان أو الأردن أو العراق فعلياً وليس صورياً؟ بل هل يملك أن يُقرّر شيئاً غير الإذعان لما يتوافق عليه الروس مع «المعنيين» في الشأن السوري، من طهران إلى تل أبيب إلى واشنطن إلى بيروت حتى في شأن تخرّصات «إعادة الإعمار»؟!

 

الشيء الوحيد والأكيد الذي يملكه ويجهد لتقديمه وإظهار توقه التام لذلك التقديم، هو نزوعه الفطري للقتل والفتك بعموم السوريين «الآخرين» واستعداده لارتكاب أي شيء غير بشري في ذلك السياق.. ولو عاد الأمر إليه لما ترك الريادة لأفران الغاز النازية. ولاحتلت الغوطة من زمان مقام «أوشفيتز»! ولما سمح بعودة نازح واحد! ولما اكتفت مذابح السويداء بأرقام ضحاياها، ولما مسّ «دولة داعش» ضيم! ولما بقي في داريا مَن يُبلَّغ بأن ابنه مات في السجن «نتيجة أزمة قلبية»!!

 

.. يحلو للكثيرين في هذين اليومين المقارنة بين خروج عهد التميمي من سجون إسرائيل، وفظاعات التعذيب في السجون الأسدية! والقصد من ذلك استدراج إدانة إضافية ما! وزيادة حجج المقارعة مع تركيبة سلطوية لا نظير لها ولا مثيل! وكأن البلاء السوري يحتاج إلى شواهد إضافية؟! أو كأن الأمر في جملته يزيد على، أو ينقص من أشياء الأسد وطباعه الأولى؟!