IMLebanon

في هذه الإدارة!

 

تصريح وزير الخارجية الاميركي جون كيري بالأمس الذي «كشف» فيه ان الخيار العسكري إزاء المشروع النووي الايراني لم يُسحب تماماً من حزمة خيارات إدارته، يبدو كاريكاتيرياً بالتمام، ويليق بالرئيس السابق أحمدي نجاد، أكثر بكثير مما يليق به.

بل يبدو كيري، وكأنه أخذ يتأثر بمحاوريه في المنطقة الملتهبة وراح يتحدث مثلهم: يطلق كلاماً طيّاراً يذكّر بالظواهر الصوتية التي رافقت النزاع «المصيري» مع اسرائيل على مدى العقود الماضية!

في كلامه التهويلي ذاك، أمران أساسيان، الأول يتعلق بالمفاوض الايراني، والثاني يتعلق بالمزعج الاسرائيلي. أي أن كيري الذي لوّح لطهران بالتصعيد من خلال تحميلها مسؤولية الانقلاب الحوثي في اليمن (فقط؟) تقدم خطوة إضافية الى الأمام لكن باتجاه العودة الى الوراء: البديل عن اتفاق على الموضوع النووي وملحقاته العقابية، يعني إنزال الخيار العسكري عن الرفّ ووضعه على طاولة غرفة العمليات!

الأمر الثاني، هو ان الوزير الاميركي يردّ مسبقاً على ما سيطرحه نتنياهو في كلمته أمام الكونغرس، ويحاول تنفيس بالون المواجهة الذي يتوقع أن يطلقه في فضاء اميركي منقسم إزاء كيفية التصرف مع إيران.

في الحالتين، طاش بعيداً. حيث لم يعد أحد في المنطقة (وخارجها) يأخذ الكلام الاميركي على محمل الجد كثيراً. تجارب إدارة مستر اوباما على مدى السنوات الست الماضيات، تعزز هذا الحكم وتدمغه بدمغة الصدقية البالغة! هذه ادارة عجزت بالجملة والمفرق في الموضوع الفلسطيني الاسرائيلي. لم تفشل فقط في دفع المفاوضات نحو أي معطى ايجابي، بل عجزت حتى عن وقف أي خطط للاستيطان في الاراضي العربية المحتلة.. وعجزت بالجملة والمفرق في الموضوع العراقي (اعترفت بخطئها في تقدير الأمور التي سبقت انفجار داعش!).. وعجزت بالجملة والمفرق في الموضوع السوري وسمحت للمرة الاولى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية باستخدام سلاح تدميري شامل ضد المدنيين من دون معاقبة من استخدمه.. قتلت بن لادن في باكستان لكنها بسياستها، سمحت لمن هو اسوأ منه بالظهور بين حقول النفط!.. وعجزت عن وقف جموح القيصر الروسي من القرم الى أوكرانيا. لم تعرف كيف تسايره لتلجمه ولا تعرف الآن كيف تحاربه! بل هذه ادارة عجزت حتى عن إبقاء حلفائها المفترضين، من باريس الى أنقرة، في دائرة السياسة الموحدة والموقف المشترك!

.. هذه ادارة، لم تعجز فقط عن كبح إيران وأدواتها من العراق الى سوريا الى اليمن، بل اعتمدت إزاء ذلك «سياسة» ستبقى تداعياتها السلبية مستمرة لعقود آتية في المنطقة وبين اهلها، الا اذا ظنّت ايران ان العرب والمسلمين سيتفرجون على ما تفعل ويكتّفون ايديهم؟!

هذه إدارة، تثرثر كثيراً وتفعل قليلاً، بل لا تفعل شيئاً صحيحاً: ادّعت الهروب من حروب صغيرة لكنها اعادت العالم برمّته، الى زمن الحرب الكبيرة.. الباردة (نسبياً) حتى الآن!

أم إننا نحن أهل العباطة؟ وذلك هو تماماً، ما ارادته تلك الادارة من أول الطريق استجابة لأمور كثيرة، أولها متطلبات الصناعات العسكرية الاميركية؟!