مستعجل محور الممانعة في نواحينا. ودائخ في ما يراه ثبوتاً لـِ«انتصار» إلهي آخر يضعه في خزنته المتخمة..
وعلى عادته الأثيرة، يتجاهل التفاصيل وينفخ في العموميات. وهذه لا تني تؤكّد إلفته مع الشكل من دون المضمون، ومع المتناقضات القتّالة الجزئية دون المشهد العام والمآل الأخير.. يراكم ما يسمّيه إنجازات ويتجاهل المقدّمات المخزية في الفتنة المشتعلة. وفي الكيانات المحطّمة. وفي الأعمار المهدورة. وفي الثروات المحروقة. وفي القيم المتبخّرة لصالح سرديات بديلة ما فعلت سوى فعل العدم، وما أنتجت سوى خراب فوق خراب، فيما يدّعي أصحابها بناء أسباب «العزّة» و«القدرة»! و«القوّة»! و«المقاومة»! و«التحدّي»! وبطح الأعداء بالأرض! وتمكين «المستضعفين» من «الاستكبار» و«المستكبرين». و«الأمة» من الطامعين (الأميركيين والإسرائيليين)! و«أشرافها» من الخونة والمرتّدين والعملاء والمرتبطين والمشبوهين الملاعين!
هذه «ممانعة» تملك وتسوّق ثقافة العدم والعبث والدم. وتسعى وراء تسلّط واقتدار من خلال توسّل أساليب مَن تدّعي محاربتهم! ترتكب وتتّهم غيرها بالارتكاب. وتُرْهِب وتدّعي محاربة الإرهاب.. وتكفّر وتدّعي غربة عن التكفيريين. وتناور وتدّعي مبدئية مشتهاة. وتساوم وتدّعي صلابة المجالد والمجاهد. تتاجر بالمقدسات وتدّعي حمايتها. وتشرع في الفتن وتدّعي الهرب منها. تشيع كلام المنعة وتصدّع كل بنيان. وتتغنّى بالتحرير وتأتي بكل غريب طامح وطامع. وتلغو بالوحدة وترسّخ كل فرقة. وتحكي عن التحرّر وتدعم كل طاغية رعديد. تهدّد «الصهاينة» وتقاتل العرب. وتتوعّد أميركا وتبحث عن رضاها. تدفن رأسها بالرمل أمام الأقوى وتستأسد على الأضعف. تحكي عن الظلاميين وتفعل فعلهم، ولا تحتمل «شمعة» خلاف في الرأي، ولا كشّاف ضوء في يد ضحيّة من ضحاياها.. تدّعي احتكار الحق وتعدم حقوق الآخرين. وتدّعي الإسلام وتشهر المذهب. تدّعي الوطنية وتُشهر تخوين كلّ آخر. وتدّعي «السعي» الى فلسطين وتذهب الى اليمن والعراق وسوريا والبحرين ودول الخليج العربي! تنادي على القدس وتذهب الى حلب! وتندب كربلاء وتذهب الى يزيد!
هذه ممانعة فرّغت مخازنها النارية في أرواح شعب سوريا وعمرانها دفاعاً عن منظومة لم تطلق رصاصة واحدة باتجاه الجولان على مدى خمسة عقود تقريباً! وتفرّغ أحقادها على المجموع العربي والإسلامي الأكثري لأنّه قال لا لمشروع «التنوير» الإيراني! وتفرّغ ثقافتها المافيوزية والتهويلية والتهديدية على عموم الأغيار اللبنانيين لأنّهم أبوا الضيم ورفضوا الاستسلام والإذعان، ونكران أولوية وطنهم! أو التنكّر لدماء شهدائهم! استمرأت البلطجة وممارسات العسس، وسكرت بالسلاح والتنظيم الحديدي، واستسهلت الشتم وهتك الكرامات.. وما عادت ترعوي.
.. هنيئاً لإسرائيل، بهكذا «أعداء»!