Site icon IMLebanon

في «الساعة» الأميركية

يتبيّن تلقائياً، أي من دون جهد فكري يُذكر، ان من أبقى ويبقي سلطة بشار الأسد في مكانها لم يكن الدعم الروسي التسليحي والتذخيري والديبلوماسي والسياسي! ولا المدَدَ الايراني الاستثنائي بالمال والسلاح والميليشيا المقاتلة تحت اللواء المذهبي.. ولا انخراط «حزب الله» ميدانياً في المذبحة الحاصلة!

.. كما لا يكمن السبب في سلمية الحراك الشعبي السوري في بداياته وانكسار الميزان بين الصوت العاري والصاروخ الفتّاك. ولا في معاناة المعارضة المسلحة من نقص عدّتها برغم كثرة عديدها، نتيجة «محاصرتها» بالشعر والشعّار! والاكتفاء بإنزال دعم كلامي غربي عليها يكفي نصف الكرة الأرضية! ولا في تشرذم تلك المعارضة لاحقاً ولا في الاختراق القاتل لها الذي مثلّته وتمثّله «داعش» الأحجية.

.. وبالتأكيد لم تبقَ سلطة بشار الأسد في مكانها لأن شعب سوريا «قال كلمته» في المهزلة التي سُمّيت انتخابات رئاسية!. ولا في صمود «الجيش العربي السوري» خلف قيادته المجيدة! ولا في قدرة الأجهزة الأمنية على ابتداع آليات قمع اسطورية.

.. وبالتأكيد العنيد، فإن تلك السلطة لم تبقَ في مكانها لأنها حارسة مصادر طاقة تهزّ أركان الاقتصاد العالمي إن تضررت! أو لأنها تمكنت من السيطرة على إحدى أهم وظائفها المتمثلة في تأمين الهدوء السيبيري الجنيفي في مرتفعات الجولان السورية وحماية اسرائيل من أي خلل أمني غير مستحبّ هناك!

.. ولم تبقَ تلك السلطة في مكانها لأن سقوطها يهزّ أركان الاستقرار في المنطقة العربية وفي دول حوض البحر الأبيض المتوسط.. أو لأن ذلك سيؤدي إلى زعزعة وتمزيق العرى والروابط الكامشة بتركيبة المجتمعات العربية، وسيهدّد البنى النظامية الكامشة بكياناتها الدستورية واستقرارها الوظيفي وديمومة حدودها الجغرافية والسيادية!

.. ولم تبقَ تلك السلطة في مكانها نتيجة ضمور إرادة التصدي والتحدّي عند غالبية السوريين، ومعهم غالبية العرب والمسلمين، ومعهم رأي عام غربي مفطور على معاداة الديكتاتوريات وممارساتها!

.. يتبين تلقائياً، أن تلك السلطة بقيت لأن إدارة أوباما لم تقرر (بعد!) شيئاً آخر مختلفاً، عن بقائها! ولأن تلك الإدارة ومنذ الأيام الأولى لانطلاق الثورة السورية قرّرت التفرج على ما يحصل! ثم ارتأت أنها أمام فرصة لا تُعوّض لرؤية حاكم عربي يبزّ بأفعاله حيال مواطنيه وبلده، ما فعلته إسرائيل في كل تاريخها! ثم رأت فرصة أكبر وأهم وأخطر، هي تحوّل سوريا إلى مسرح فتك متقابل بين أصوليات وجماعات ومنظمات كلها مصنفة تحت خانة الإرهاب! عدا أنها صارت (ويفترض أن تصير أكثر) مداراً مفتوحاً لاستنزاف كل «أعداء» واشنطن من إيران إلى روسيا! وبعد ذلك بقليل، ارتأت ولا تزال، إدارة مستر أوباما، أن الأولوية الراهنة هي للملف النووي الإيراني ولا شيء آخر أهم من ذلك!

وللتدقيق: الكلام هو عن «موعد» سقوط سلطة بشار الأسد، وليس عن «انتصارها» ولا عن «مستقبلها»..

وفي ذلك تحديداً تمسك واشنطن بالساعة وغيرها ينتظر!