Site icon IMLebanon

بهاليومين

 

عقد التأليف الحكومي تراوح مكانها، ومن العجب أن نجد متفائلين بحلّ هذه العقد، تقديم تشكيلة حكومية لرئيس الجمهوريّة خلال اليومين المقبلين لا يعني أبداً حلحلة العقد، أغلب الظنّ أنّ التشكيلة الموعودة ستُردّ خائبة، أو أنها في أحسن الأحوان ستحال إلى جبران!

 

نعيش مرحلة فاشوشيّة، ويُطلق الناس كلمة الفاشوش على كل أمر فاشل، كما يطلق على شخص لم ينجح، أمّا معنى كلمة فاشوش، فيرى كتّاب مصريون أن فاشوش كلمة قبطية قديمة ولا تزال تستخدم إلى يومنا هذا في العامية المصرية، ومعناها الحرفي «عريان»، وانتهت فاشوش في الاستعمال الدّارج إلى معنى يختلف عن معناها الحرفي، ويقول بعضهم إن كلمة فاشوش عربية قديمة فصيحها «فشوش» أي كلام فارغ لا طائل تحته، وقال الزبيدي في تاج العروس: «الفيشوشة» الضعف، والرخاوة ومنه رجل فاشوش، ‏ ولكنّ هذه الكلمة أصبحت ذات دلالة أعمق بعد فشل حملة محمد علي باشا في القضاء على مقاومة المهدي في السودان في معركة الفاشوشية، جرت معركة الفاشوشية في عام 1881، وسميت المعركة باسم قرية سودانية جرت المعركة عند مدخلها..

أثبتت الأشهر الثلاثة الماضية وبما لا يقبل الشكّ أنّنا بلد «فاشوش» و»مفوفش»، وأننا دولة فاشلة بكلّ المقاييس، لا يوجد بلد واحد في العالم حتى في جمهوريات الموز يُعجز فيه عن تشكيل حكومة، لا شيء يدعو الى التفاؤل، هذا بلد «النفاثات في العقد»، وتعقد فوق كلّ عقدة عقدة، واقع مزرٍ وحاضر ومستقبل شديد التعقيد، بلد تصريف الأعمال، غير قابل للحياة ولا للموت أيضاً!

لا نعرف ما إذا كان الكلام عن مهلة ثلاثة أشهر حدّدها الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة وإلا الاعتذارما زال ساري المفعول، أو أنّه سيتمّ نفيه لأن الأشهر الثلاثة انقضت، أو سيتم تمديدها، بصرف النظر عن هذه الأشهر الثلاثة بات لزاماً على الرئيس المكلّف أن يأخذ موقفاً صارماً من لعبة الفراغ والتفريغ هذه تاركاً للمعقّدين أن يدخلوا مرحلة موت سريري علّهم يلفظون أنفاسهم السياسيّة تحت وطأة تعنتهم وسفههم السياسي!

في 24 أيار الماضي كتبنا في هذا الهامش أنّنا «نشفق على الرئيس الحريري من الأفخاخ التي ستنصب له خصوصاً من قبل التيار الوطني الحرّ الذي يصنّف حليفاً له؛ والفخّ الأول سينصب له تحت عنوان تقاسم الحصص من مقدرات الشعب ويصادروها كأنّهم ورثوها عن آبائهم»، كان هذا انطباعنا الأولي تجاه حال الابتهاج المزعومة بتسمية 111 نائباً للرئيس الحريري لتشكيل الحكومة، يومها سارعنا إلى القول «العبرة بالتأليف لا بالتكليف»، ونظن أن الأشهر الثلاثة الماضية أثبتت نظرتنا للأمور، اليوم وبعد الوقت الضائع من عمر البلد، ما زلنا عند رأينا بأنّ أفضل ما يفعله الرئيس سعد الحريري هو الاعتذار عن تشكيل الحكومة، وليرمِ هذه القنبلة في وجه الجميع علّ انفجارها يوقظهم من هذا «العنت» السياسي، وليبحث العهد ومعه التيار الوطني الحرّ عمّن يقبّع له شوكه ويؤمن له شخصيّة تستطيع أن تُقلّع بالبلد في هذه اللحظة الإقليميّة الدقيقة.

عادةً لا تعني الأرقام شيئاً عند التكليف بتأليف الحكومات في لبنان، لأن العبرة تكون بالتأليف، وأكبر دليل على ذلك الأشهر العشرة التي عانى خلالها الرئيس تمام سلام من كل عثرات الدنيا حتى استطاع تشكيل حكومته، بالمناسبة، لا شيء يدعو إلى التفاؤل في بلدٍ «عويص» كلبنان، لا شيء على الإطلاق، ولا حكومة في الأفق القريب ولا البعيد أيضاً!