Site icon IMLebanon

في اليمن.. وإيران

أسقطت «عاصفة الحزم» مشروع إيران الانقلابي في اليمن: سدّت الأبواب العسكرية والأمنية في وجهه. ومنعته من تحويل جغرافيته إلى مجرد ثكنة من ثكن «الحرس الثوري». ونظامه الشرعي إلى جرم يدور في فلك أمبراطوريتها المشتهاة… ثم أمكن لتلك العاصفة مخاطبة أرباب ذلك المشروع وملحقاته باللغة التي لا يفهمون غيرها. وأطلقت بذلك مساراً يُفترض أن تستوعبه الجمهورية الجموحة وتضعه في حسبانها التكتي والإستراتيجي.

.. مسار يقول، إن زمن بناء الأمجاد على حساب تخريب البنيان الاجتماعي والسياسي والدولتي والشرعي العربي، انتهى وصار من الماضي… ومثال اليمن بداية وليس نهاية. وهو الذي أرادته طهران الركن الرابع في بنائها المدّعى، فانكسر في أرضه وتشظّى.

وستكشف الساعات والأيام القليلة المقبلة، التفاصيل التي جعلت قوى التحالف بقيادة السعودية تعلن انتهاء «عاصفة الحزم» وبدء عملية «إعادة الأمل» تلبية لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، لكن غياب التفاصيل لا يغيّب العنوان العريض، وهو أن ذلك ما كان ليتم لولا إذعان إيران وأدواتها نظرياً، لإرادة الشرعية العربية والدولية واليمنية، وتيقنها عملياً، من استحالة تثبيت الانقلاب وإفرازاته.

المألوف والمعروف عن إيران وحلفائها وتوابعها، هو أنها لا توقّع إلا تحت الضغط. لكن ذلك التوقيع لا يعني التنفيذ! مثلما أن الالتزام بالعهود والاتفاقات هو وجهة نظر مطّاطة بالنسبة إليها وليس حُكماً مُبرماً.. حصل ذلك في لبنان وفي مرات كثيرة، أبرزها القرار الدولي 1701 و»اتفاق الدوحة» و»إعلان بعبدا».. إلخ.

في كل حالة من تلك الحالات، كان النَفَس السياسي والديبلوماسي الإيراني، المترجم محلياً من قبل «حزب الله«، هو ذاته: الانطلاق من حسابات المصالح الذاتية والخاصة، قبل المعطى التبادلي مع الآخر المتصل بمصالحه أو بالمصالح المشتركة أو بالمصالح الوطنية العامة والعليا: إذا كانت المصلحة الخاصة تستدعي تسوية للحدّ من الخسائر فليكن. ثم إذا كانت الفرصة سانحة للانقلاب على تلك التسوية من موقع قوة فليكن أيضاً! وبغضّ النظر عن مواقف الطرف الآخر، كما بغضّ النظر عن «المبادئ» والأعراف والآداب المتصلة بخاصيّة احترام العهود والمواثيق!

ولذلك (بالمناسبة) تربط الولايات المتحدة والدول المتفاوضة مع إيران على برنامجها النووي، بين رفع العقوبات عنها والتزامها بتنفيذ تعهداتها واحترام تواقيعها.. والحسبة عادلة وفيها حِرَفية ديبلوماسية ناشفة تماماً! أمّا جزئية الثقة، فتلك في مكان آخر. وعندما تصير الأخلاق وليس المصالح فقط، جزءاً من الاتفاقات الدولية، يمكن الأخذ بها والتخلي بالتالي عن البنود الشرطية الملزمة في هذه الاتفاقات!

بغضّ النظر عن ذلك، فإن السعودية أثبتت مرّة أخرى أنها الأحرص على اليمن وأهله، في حين تدل التجربة على أن إيران هي الأحرص لكن على مصالحها فقط، وعلى حساب اليمن وأهله، مثلما هو حالها في سوريا ومع السوريين، وفي العراق ومع العراقيين، وفي لبنان ومع اللبنانيين.