Site icon IMLebanon

“غير قابل للتصرّف”

 

 

يستطيع فخامة الرئيس السعي الى توريث جبران أو ميراي أو كلودين أو احدى مذيعات الـ O.T.V. وهذا حقه الأكيد، ما دمنا في جمهورية شكلها ديموقراطي ولو أن جوهرها الاستقواء والتعطيل والعائلية وليّ ذراع الأعراف والقوانين.

 

ومن حق فخامته أيضاً ان يطالب “نادي الكبار” والصغار على السواء، بالاعتراف بجبران باسيل ممثلاً شرعياً وحيداً للمسيحيين على غرار ما كانه تمثيل منظمة التحرير للفلسطينيين، فهو فعلاً رئيس أكبر كتلة في المجلس الكريم، ويملك أكثر عدد من الوزراء… أعمالهم تدل اليهم والحمدلله.

 

أما أن يتنكر فخامته لاستراتيجية الدفاع بحجة ان زمنها فات وتغيّرت المعطيات، فهذا ليس من حقه على الاطلاق. ولا يجدي التسريب والتوضيح من دوائر القصر. فهذه هي قناعة الرئيس. والرئيس يعني ما يعنيه.

 

و”استراتيجية الدفاع” تركيبة سحرية أو تسمية تنكرية لهدف سامٍ هو انهاء السلاح غير الشرعي، وهي الحد الادنى الذي يمكن أن يحققه رئيس للبلاد على طريق وحدانية سلاح الدولة وعدم استتباعها من طرف يجهر بتحالفه مع محور اقليمي.

 

ولعلم فخامته فإن حق اللبنانيين في دولة ذات سلاح واحد، هو سلاح مؤسساتها الشرعية، هو حق أصلي لا يجوز التفرغ عنه أو الامتناع عن تحقيقه أو التحايل عليه تحت أي ذريعة، أي انه “غير قابل للتصرف” حسب التعبير الأممي، ويشبه تماماً حق الفلسطينيين في العودة أو حق أي دولة محتلة في تقرير المصير. إنه “دين ممتاز” في ذمة كل رئيس.

 

نعلم ان فخامته مسرور بالاقامة في بيت الدين خصوصاً بعدما تزعم “الصلح العشائري” الذي طبخته عين التينة بحنكة المجربين ودفعته رسالة عوكر الى التنفيذ. وندرك تماماً ان اقامته في قصر الأمير بشير تعطيه معنويات تنعكس تفاؤلاً على كل اللبنانيين، من خلال التعهد بتنفيذ “الورقة الإقتصادية” التي أهدينا “ماكينزي” ثمنا لها مليوناً ونصف مليون دولار، ومن خلال الاستقبالات التي يتداخل فيها ترسيخ الصلح مع الممالقة وتبييض الوجه. بيد أن فخامته نسي ان اللبنانيين غير مسرورين بخطورة عواقب العقوبات التي يستدرجها كل من يتحالف مع المحور الايراني، ويخشون على اقتصادهم من التصنيفات التي تداوى بمراهم بدل جراحة موازنة اصلاحية لا تخشى املاكاً بحرية ولا رصيفاً في المرفأ، ولا معابر غير شرعية يؤكد الوزير المعني ختمها بشمع احمر القرار السياسي.

 

ليس اسقاط “استراتيجية الدفاع” من خلال تصريح صحافي إلا تتمة منطقية لثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” السائدة ويتعايش معها اللبنانيون على أمل ان يصير الجيش وحده حامياً للداخل والحدود بلا شريك وفي يوم قريب. اما أن يأتي هذا التخلي “السيادي” ممن أقسم على حماية الدستور، فإنه أمر أكثر من مؤسف بكثير.