خمسة نواب من كتل سياسية مختلفة، توصلوا الى قناعة واحدة مفادها ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون، حدد من خلال ما اقترحه «طريقه الشخصي الى رئاسة الجمهورية» فيما وجد هؤلاء الخمسة ان التعديلات التي طلبها الجنرال على الدستور على علاقة مباشرة به، واجمعوا على ان عدم التعميم في ما ينسجم مع غيره من المرشحين لرئاسة الجمهورية، يشكل نقطة الضعف في ما هو بصدده كما قالوا لو انطبقت مقترحات عون على اكثر من مرشح واحد لكانت مقبولة، لكنها مخصصة على وزنه الشخصي وعلى قياسه السياسي.
واذا سلمنا جدلا بنظر هؤلاء النواب فان عون يريد الاستفراد بالمنصب الرئاسي، لذا لا يعقل ان يتصرف وكأن ليس من احد سواه تليق به الرئاسة، والا لن يكون معنى للبقية الباقية ممن يجدون في انفسهم مرشحين محتملين للرئاسة الاولى، خصوصا ان لا سابقة لمثل هكذا رهان سياسي القصد منه خدمة مصلحة شخصية ليس الا؟!
هل بوسع العماد عون كسر القالب من المنطق الذي اقترحه كرئيس جمهورية موثوق ومعترف به مسبقا، لاسيما انه الاكثر حظا من كل ما عداه في الصف المسيحي، لكننا لسنا في انتخاب مذهبي ليقال ان الحق معه، كما لسنا في صراع على رئاسة هيئة دينية من الصعب، بل من المستحيل ان تنطبق مواصفاتها على سواه، وهذا ما عرفه عون لكنه لا يتصرف على اساسه؟
ان الجنرال عون لا تنقصه قوة الاقتناع والاقناع في مجال تسويق نفسه، لكنه لا يحسن التصرف خارج الاطار الدستوري بحثا عن الدستور السياسي غير الواجب المذهبي، والا لكان الافضل للرئاسة المارونية هو البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المتقدم في ايمانه وفي موقعه وموقفه من القضايا الوطنية العامة (…)
وفي عودة الى النواب الخمسة الذين ليس بينهم من هو من كتلة عون النيابية، فان هؤلاء قد اجمعوا على شيء واحد، هو تجنب محاذير اللعب بالدستور والقوانين والاعراف، كي لا تصل العدوى الى اعادة النظر بالشأن الميثاقي، وعندها لن تكون رئاسة للموارنة بحسب التعداد السكاني للبنانيين من الذين قد يستمرئون احداث تغيير في البنية الميثاقية والسياسية في البلد، اضف الى ذلك ان الرئاسة قد تطير من يد المسيحيين من غير انتظار لومة لائم بعد طول شد حبال بين من يصلح للرئاسة الاولى وبين من يطمح لاحداث تغيير في بنية الدولة؟
هل هذا ما يريده الجنرال، ام عليه ان يجرب حظه بوسائل اخرى لا يشكل الاخذ بها فكرة خاطئة عن مصير رئاسة الجمهورية، لاسيما ان الاخذ باقتراح عون لمرة سيؤدي تلقائيا الى الاخذ به مثنى وثلاث ورباع وعندها فقط سيكون عض اصابع «لان الذي سيحصل سيغير الكثير من النتاج السياسي، خصوصا عند الاقتراع المذهبي بداية او ثانية (…)».
يقول نائب سابق مشهود له بعلمه الدستوري، ان الذين اقروا اتفاق الطائف لا يزالون على قيد الحياة وبوسع عون وغير عون سؤالهم عما فعلوا ليوقفوا الحرب، وبالتالي سوال من حل محلهم ماذا حصل في البلد من تمزق سياسي – مذهبي يسأل عنه حزب الله وتيار المستقبل والتيار الوطني وحزب القوات اللبنانية حيث ينشط مسؤولوها في البحث عن مخارج للتوتر السياسي والامني القائم لالف سبب وسبب، والامر عينه ينطبق على حوار التيار الوطني وحزب القوات الذي يعرف عون اسبابه وظروفه ومعانيه وملابساته؟!
لا مجال للتساؤل في هذا السياق لان المتحاورين لم يتوصلوا الى نتيجة تذكر والا لما تأخروا لحظة عن اعلان نتاجهم، لاسيما ان الامور لا تزال سائرة باتجاه المجهول الذي زادته اقتراحات عون جهلا، طالما ان رئاسة الجمهورية عالقة بين من يريد الانتخاب وبين من لا يريد رئاسة الا في حال كانت على قياسه، وهو يصر على افقاد نصاب الجلسات ليخلص اخيرا الى اقتراح الانتخاب الرئاسي على قاعدتين الاول دينية والثانية وطنية، وفي الحالين يعرف العماد عون انه قادر على تسجيل نقاط على خصمه سمير جعجع، اما وقد بلغ الجنرال مرحلة متقدمة في مشروعه الرئاسي، غير ان الذي سيسمعه لن ينسجم مع ما يتطلع اليه، كي لا يقال ان هناك من يلعب بالميثاق لاسباب ومصالح شخصية وخاصة جدا، الامر الذي يعني ايضا ان بالامكان تعديل الدستور، لكن ليس قبل اجراء الانتخابات النيابية، وتطوير العمل الحكومي باتجاه التغيير من منطق ما ستحدثه الانتخابات، واي كلام مغاير يعني وضع العربة الوطنية امام الحصان فيما المطلوب العكس، اي اعطاء كامل الاهتمام لقانون انتخاب نيابي عصري يزيل اللبس الحاصل بالنسبة الى النسبية، فضلا عن اتاحة فرصة الانتخاب امام الشباب من عمر ثماني عشرة سنة (…)