لقد شهدنا الاستقلال كيف يولد ولن نرضى أن نشهد الاستقلال كيف يزول.
تقي الدين الصلح
بغيابك دولة الرئيس بدأنا نشهد كيف يزول الاستقلال بسبب طغمة فاسدة أتت على الأخضر واليابس منفّذة لأجندتها الخاصة ولأجندات خارجية طامعة في لبنان عاملة على تغيير طبيعته ورسالته الإنسانية.
لقد بدأ بعض اللبنانيون يتنكّرون للميثاق، وأصبح البعض بل الأكثرية لا تعرف كيف تمارس الحرية وتستعملها، وهي في الأصل ضرورة حياتية وبدونها تنعدم الحياة لانها الأساس.
ونشهد اليوم ان التفاهم والحوار والبناء المشترك أصبح من صنع العضلات والبنادق والتصريحات الرنّانة وليس من صنع العقل.
ونشهد اليوم أيضاً ان أبناء الوطن توقفوا عن العطاء له مما يهدّد استمراره ونموّه وبقاؤه.
ونشهد اليوم أيضاً وأيضاً ان الشرعية والتي هي من سلطة الشعب قد فقدت وجودها وأصبحت للبعض وليس للكل، وعلى البعض وليس على الكل.
وفَقدَ المواطن حقه في الأمن والآمان والاطمئنان، ويحرم المواطن من فرصة المشاركة في بناء الوطن ليشارك في بناء أوطان الآخرين، ومن يحرمه يكون مخرّباً، والمخربون اليوم يقبضون على زمام الأمور في الوطن، ويقتضي أن يخضعوا للمساءلة والمحاسبة.
وان الأفراد والجماعات والزعامات والطوائف تأخذ من لبنان الوطن لتبني نفسها وهي بذلك تبني على أنقاضه، وعلينا أن نردعها من القيام بذلك وذلك بتحقيق التغيير الواجب الحصول.
واليوم تتعرّض الدولة والمؤسسات للاهتزاز مما يوقع لبنان تحت وطأة التقسيم والتجزئة ويسمح لقيام الدويلات على أسس طائفية.
كل ما تقدّم هو من علامات الزوال وإن يقظة ضمير سريعة وشاملة من كل مواطن لبناني كما وعلى كل المفكرين والقيادات الوطنية الحيّة أن يسعوا في سبيل هذه اليقظة، اليوم قبل الغد، وأساس هذه اليقظة الإيمان بأن الميثاق حقيقة اليوم والغد، وان حركة تنويرية يجب أن تقوم حيث ان القوة التي تحملها الفكرة هي أعظم قوة اهتدى إليها الإنسان فعلينا التشبيك الشعبي لحملها والعمل من أجلها لإزالة الطغمة الفاسدة من مواقعها الى الأبد.
ورأى المغفور له دولة الرئيس تقي الدين الصلح منذ أكثر من خمسين عاما بأن «لبنان يذوب كالشمعة فلنتداركه قبل أن ينتهي». ولبنان اليوم في حالة الانهيار الشامل وقاب قوسين أو أدنى من الانتهاء.
دولة الرئيس كنت على حق عندما قلت بأنك لن ترضى أن تشهد الاستقلال كيف يزول، ونحن معك، وعدم الرضى يعني عدم الموافقة وعدم القبول ويعني أيضا الممانعة والمقاومة بكل الوسائل المتاحة القانونية والشرعية ووفق ما أقرّه القانون الدولي والمواثيق والإعلانات العالمية.
هذه مسؤولية جماعية لعلّ القوى الحيّة أن تتّعظ وتتّحد وتعمل على خلاص وإنقاذ الوطن للنهوض مجدداً من خلال توفير التغيير المطلوب.
هكذا نحافظ على الوطن وعلى استقلاله وسيادته وحريته.
فليكن كل عيد استقلال تعبيراً عن تحقيق الركائز الوطنية تعزيزاً للدولة وحصانة للوطن.
* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب