يشهد الاحد المقبل إطلاق حركة سياسية جديدة ـ قديمة تضم المستقلين في «14 آذار». فبعدما تعذر التوافق والانسجام في المجلس الوطني لقوى «14 آذار» ما بين الاحزاب والمستقلين، ارتأى هؤلاء التخفف من أي عبء حزبي، كما التخفيف من إحراج الأحزاب، فكان قرارهم بإنشاء حركة مستقلة.
في تلك الشقة ذاتها في مركز الامانة العامة لـ «14 آذار» يلتقون. هم مقتنعون بأنهم آباء وأبناء تلك اللحظة التاريخية التي اتخذت عنوانا لها «14 آذار». هناك تأكدوا أن في هذا البلد مساحات مشتركة يمكن البناء عليها. التقوا، أفرادا، نساء ورجالا، ليدافعوا عن تجمعهم الوليد ويشرحوا فكرته وأهدافه. صدف أن جاء «البيك» سمير فرنجية، فمازحوه بصفته «زعيما» للحركة.
لكنه، على الرغم من شبه حسم الموضوع لجهة انتخاب فرنجية رئيسا يوم الاحد المقبل لهذا التجمع، إلا انه يصر على رأيه ان «مثل هذه الحركة لا تحتمل رئيسا أو أمينا عاما، فالمشاركون هم من المجتمع المدني بمفهومه الحديث وليسوا حزبا أو تنظيما. هو مساحة تلاق لمن يتشابهون، ومحاولة إحياء الحياة السياسية عبر تكتلات سياسية عابرة للطوائف، على أمل السعي الى خلق دينامية جديدة قادرة على طي صفحات التاريخ الدامية من كتبنا التي لا تشي إلا بالعنف، وفتح صفحات جديدة عنوانها السلام».
ينصرف فرنجية الى كتابة محاضرة له، ويبادر الناشطون في هذا الحراك الى شرح أفكارهم وأهدافهم. يستهلون الكلام بالتوضيح ان «حراكهم ليس موجهاً ضد أي أحد، خصوصا الاحزاب المنضوية في 14 آذار. لكن لهذه الأحزاب حساباتها ومصالحها وانتخاباتها وجمهورها التي يجب عليها مراعاتها جميعا. نحن مجموعة أفراد طموحنا أن نكون مواطنين وأن نوسع حيز المواطنة في هذا البلد ونبني عليه».
يسترسلون في قراءاتهم للواقع وأهدافهم. يريدون «إعادة الاعتبار للهوية الوطنية التي يتم سحقها لمصلحة الهويات الطائفية والمذهبية». يتفهمون «الهويات المركبة لكل إنسان»، ويؤمنون بأنها «لا تتناقض بل يمكن أن تكون مصدر إغناء». ينظرون بعين الواقعية الى الخوف الذي يجتاح الطوائف لكنهم يصرون على أن «الخوف الشيعي لا يحله حزب الله وحركة أمل. والخوف المسيحي لا يحله التيار الوطني والقوات اللبنانية. والخوف السني لا تحله داعش والنصرة ولا حتى المعتدلون السنة. الخوف لا يبني وطنا أو دولة ولا يخلق مواطنا. يمكننا أن نتصارح ونتصالح لنتمكن من طمأنة بعضنا بعضا وحماية بعضنا ووطننا».
يرفض هؤلاء المستقلون اعتبارهم طوباويين أو رومانسيين في زمن تفجر الواقعية السياسية الغرائز والأوطان. ومع ذلك يبرز من بينهم من يتساءل «ما هو الخطأ في ان تكون صاحب حلم؟ ألم تبدأ كل الأفكار العظيمة والإنجازات الكبيرة بفكرة وحلم؟». يضيف أحدهم «نحن لا نملك أوهاما. نعرف الواقع جيدا. لكننا محكومون بالأمل والعمل. وسنعمل ضمن هذا الإطار والحركة التي سنطلقها، فإذا فشل فسنبحث عن إطار آخر وعن أشخاص يشبهوننا يبحثون عن مساحة مشتركة وفضاء عام نلتقي فيه كمواطنين يطمحون الى دولة عادلة حديثة تظللهم. كل السيناريوهات من حولنا تؤشر الى السيئ. أقله علينا ان نبني شبكة أمان مجتمعية تنزع الخوف من قلوب الناس وعقولهم. هل من المقبول أن يجتاح الخوف النفوس لان هناك من يحرص على بث الرعب بأسئلة من نوع ماذا سيحصل اذا سقط النظام السوري؟ ماذا سيحصل اذا بقي هذا النظام؟ ماذا لو وماذا..؟».
لهؤلاء المستقلين الكثير ليقولوه. هم مجموعة تناهز الـ300 شخص من قطاعات مهنية مختلفة ومن تجارب سياسية متعددة. نساء ورجال يريدون أن يوحدوا جهودهم في تحقيق ما يصل بعضهم الى اعتباره «مشروع حياة».
يوم الاحد المقبل سينتخب هؤلاء هيئة لمكتبهم ورئيسا هو سمير فرنجية. أما اللجان وتوزيعها ومهامها فإلى مرحلة لاحقة، مع تأكيد أن حراكهم المستقبلي سيتضمن، إضافة الى الأفكار والنقاشات، مشاريع عملية يفصلونها عند اكتمال بلورتها.