منذ تقسيم الهند عام 1947، وقعت العديد من أعمال العنف ضد المسلمين في الهند… وفي كثير من الأحيان كانت هذه الأعمال على شكل هجمات عنيفة على المسلمين من قِبَل الهندوس، وذلك في إطار العنف الطائفي بين المجتمعات الهندوسية والمسلمة. هذا الخلاف الشديد تعود جذوره الى غضب الهندوس تاريخياً من الفتح الاسلامي للهند خلال العصور الوسطى، وتقسيم الهند الى دولة باكستان الاسلامية والهند ذات الأقلية المسلمة.
هذا من جهة… أما من جهة أخرى، فإنّ العنف ضد المسلمين له جذور سياسية، وهي جزء من استراتيجية الأحزاب السياسية التي تدعو الى القومية الهندوسية مثل حزب «بهاراتيا جاناتا».
ويعتقد باحثون آخرون ان العنف يقتصر على مناطق حضرية معيّنة بسبب الظروف الاجتماعية والسياسية المحلية.
أقول: إنّ الهند التي أصبح المسلمون فيها أقلية بعد انفصال باكستان وبنغلادش عنها، إضافة الى عمليات التطهير العرقي التي قضت على ملايين المسلمين وهجّرت آخرين هي السبب في إثارة موضوع بناء معبد هندوسي مكان مسجد «بابري» الذي بني قبل 460 عاماً.. فهل ضاقت المساحات في الهند التي تمتاز بأراضيها الشاسعة الواسعة؟
أعود الى صلب المشكلة المثارة في هذه الأيام… هذه المشكلة التي تعكس بالتأكيد حقد الهندوس على المسلمين هناك.
في قرار يشكل انتصاراً للحكومة القومية في الهند، سمحت المحكمة العليا ببناء مسجد هندوسي في موقع أبوريا المتنازع عليه في شمال البلاد، حيث سيتم تسليم أرض أخرى منفصلة عن المكان الى مجموعات مسلمة لبناء مسجد جديد بدل مسجد قديم كان مشاداً على تلك الأرض.
قرار المحكمة أنهى عقوداً من النزاع القانوني والديني وبشكل ودّي.
وأشاد رئيس الوزراء الهندي بالقرار.
تفاصيل القضية: ان المحكمة العليا في الهند سمحت ببناء معبد هندوسي في موقع أبوريا المتنازع عليه في شمال البلاد حيث دمّر متطرفون هندوس مسجداً أقيم هناك عام 1992. حدث هذا بموجب قرار يشكل انتصاراً للحكومة القومية التي يقودها ناريندرا مودي.
وكانت الهند قد عزّزت الاجراءات الأمنية في جميع أنحاء البلاد خوفاً من أن يثير القرار النهائي اضطرابات بسبب التوتر القائم بين المسلمين والهندوس منذ عقود حول هذا الموقع.
وأمرت أعلى هيئة قضائية هندية في قرارها بأن يُعهد بالموقع لهيئة تقوم ببناء معبد هندوسي، وسيتم تسليم أرض أخرى للمسلمين بعيدة عن هذا المكان لبناء مسجد جديد عليها.
وكان التوتر قد بلغ ذروته في 6 كانون الأول عام 1992 بين المسلمين والهندوس بسبب النزاع على الموقع، يوم دمّر قوميون هندوس متشدّدون «مسجد بابري» الذي شُيّد قبل 460 عاماً. وكان القوميون الهندوس يومذاك في المعارضة وأصبحوا اليوم في السلطة.
وانتشر آلاف رجال الأمن، وأغلقت المدارس حول مدينة ابوديا وأماكن أخرى. وفي المدينة نفسها منعت التجمّعات، بينما أقيمت حواجز على الطرق المؤدية الى المحكمة العليا في نيودلهي، حيث يقوم مسؤولون ومتطوعون بالتدقيق في منصات التواصل الاجتماعي بحثاً عن تصريحات قد تثير التوتر على موقع فيس بوك.
أما لماذا هذا المكان؟ فلأنّ المتشددين الهندوس الذين يشكلون أغلبية في الهند، بمن فيهم مؤيدون لحزب الشعب الهندي «بهاراتيا حاناتا» الذي يقوده مودي، ان هذا الموقع الذي ضمّ مسجداً عام 1992 كان قد بني في القرن السادس عشر، هو مكان ولادة الإله راما (الإله المحارب عند الهندوس) كما يؤكدون ان أوّل امبراطور للمغول بابر شيّد المسجد في القرن السادس عشر بعد تدمير معبدهم في الموقع نفسه.
وفي ثمانينات القرن الماضي، بدأ القوميون الهندوس وحزب الشعب الضغط لتدمير المسجد وإعادة بناء معبدهم. ويقولون إنّ جماعة من الهندوس دمّروا المسجد عام 1992، فقامت مواجهات دامية هي الأسوأ بين الهندوس والمسلمين منذ العام 1947.
وبعد عشر سنوات، أي في 2002 وبعد مقتل 59 ناشطاً هندوسياً في احتراق قطار قادم من أبوديا، نشبت مواجهات شغب في ولاية غوجارات، وكان مودي هو رئيس الحكومة فقتل حوالى ألف شخص.
ويؤكد الهندوس ان أدلة أثرية تشير الى وجود هيكل كان مبنيّاً قبل المسجد. فالموقع هو هندوسي الأصل.
إلى ذلك، قال ظافر باب جيلاني أحد محامي المسلمين، إنّ الحكم جائر… وهو يفكر في تقديم طلب مراجعة.
أما محامي الهندوس فارون كومار فاعتبر ان الحكم تاريخي، إشارة الى انه في عهد مودي أعيدت تسمية مدن عديدة في الهند، وتم تغيير بعض الكتب المدرسية للحد من ذكر إسهامات المسلمين في الهند. نشير أيضاً الى ان الهند حرمت كلا من جامو وكشمير ذات الأغلبية المسلمة في الهند من الحكم الذاتي.
فهل الحقد الطائفي البغيض حلّ في الهند مكان التعقّل والتسامح واحترام الآخر؟ ربما.