أمران كبيران أظهرتهما التطورات المزدوجة في القنيطرة ثم في شبعا. الأول أن القرار 1701 باقٍ وكأنه اتفاق الطائف! والثاني (المفاجئ!) هو اللغة الإيرانية غير المسبوقة إزاء إسرائيل.
في الشق الأول، تستند الخلاصة إلى تفاصيل عملية شبعا.. جغرافيتها وعدد قتلاها. ثم إلى الانسياب التام للخطاب الذي سبقها ورافقها وتلاها والذي سرعان ما تمترس عند مفردات جمعت المختلفين في القراءات والانتماءات والسياسات، تفيد بأن التصعيد ليس وارداً. وأن الحرب مصطلح نافر! وأن الوسطاء من «اليونيفيل» وغيرها تولوا نقل الرسائل بين طرفي الحدود بما يؤكد ويتمم المجريات الميدانية ويردفها بتوضيح النيّات والغايات.. أكثر فأكثر!
كما تستند إلى ما تلا عملية القنيطرة وسبق عملية شبعا، لجهة خروج مجلس الوزراء اللبناني مجتمعاً، أي في حضور وزيري «حزب الله»، بكلام واضح، بل شديد الوضوح، يؤكد التزام لبنان القرارات الدولية ولا سيما منها القرار 1701.. ثم العودة مجدداً، وبالأمس تحديداً، الى تثبيت ذلك الالتزام وتأكيده.
في الشق الثاني، توقف كثيرون ولو في الشكل، أمام مفردة جديدة سُجّلت على لسان الإيرانيين مرتين. الأولى من قِبَل نائب وزير الخارجية حسين عبد اللهيان من طهران، والثانية من قِبَل رئيس «لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية» علاء الدين بروجردي من بيروت، وهي مفردة غير مألوفة في الخطاب التعبوي والسياسي المعتمد منذ عقود، وتقول إن «إسرائيل خرقت بعملية القنيطرة، الخط الأحمر»!
أي «خط أحمر» هذا؟! وهل هناك خطوط خضراء مسموح «اللعب» في إطارها، وهناك «خط أحمر» ممنوع تخطيه؟! وأين هي حدود هذه الخطوط؟ ومن رسمها؟ وكيف رُسمت؟ وما هي مفاعيلها؟.. ومنذ متى تتحدث إيران، أو تؤشر الى شيء غير نزالي قتالي، بل إفنائي، إزاء إسرائيل؟!
في محاولة الإجابة، تحضر مؤشرات وتغيب معلومات! وتلك الأولى تفيد، بأن استدارة إيران تكاد تكتمل، من مرحلة الى أخرى، وإن كانت الاستدارة بطيئة وعلى طريقة الفيل! وأن ما يجري بينها وبين واشنطن خصوصاً والغرب عموماً أشمل فعلياً من الموضوع النووي ويتعلق بشيء اسمه «تغيير السلوك»! وأن ذلك ينسحب حُكماً على لبنان ويظهر فيه أكثر ربما من أي مكان آخر، ومن ظواهره أن يؤكد «حزب الله» أنه تحت القرارات الدولية وليس فوقها، وأن يراسل إسرائيل بواسطة «اليونيفيل» لنقل رغبته (وقراره) بعدم التصعيد!.. وأن ينزوي خطاب الممانعة الى حدود الخروج من الأوهام والهلوسات!