Site icon IMLebanon

مؤشّرات عادت تُثير القلق على الاستقرار شعرة الحوار هل تضمن منع “انقلابات”؟

ترك انعقاد جولة الحوار العاشرة بين تيار المستقبل و”حزب الله” انطباعا مطمئنا نسبيا الى امكان ضبط التصعيد الحاصل بين الجانبين على الصعيدين السياسي والاعلامي في موضوع اليمن وعدم تفلته بحيث لا يؤثر في كل الاتجاهات على رغم اتصافه بالعنف الكلامي احيانا. كما ترك انطباعا لدى كثر بان لا قطع لشعرة معاوية بين السعودية وايران، وذلك انطلاقا من ان هذا الحوار من حيث الدلالات التي يرمز اليها لا يزال يحظى برعاية اقليمية وان لا تغيير طرأ عليه حتى الان. وساهم في ترسيخ هذا الانطباع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء وابقاء مفاعيل المواقف من اليمن خارجها ما يفيد بان لا مساس حتى الآن بهذا الجامع المشترك القائم بين الافرقاء اللبنانيين. وهذه عناصر ايجابية بحيث قد يكون حلول الذكرى الاربعين للحرب اللبنانية مطلع هذا الاسبوع عاملا محفزا ومخجلا في الوقت نفسه في اتجاه الدفع اليها لئلا تشكل الذكرى عامل سقوط متجدد للبنان في اتون الحرب الاهلية. وهذه الانطباعات تعمل على اشاعتها اوساط سياسية عديدة من زاوية ان الامور كانت متوترة ولا تزال لكنها لن تصل الى حدود الخطر كما شهد لبنان في تصادمات داخلية سابقة او محاولات مماثلة لـ7 ايار 2008 نظرا الى وجود جملة معطيات مختلفة.

الا ان واقع الامر ان هذه المؤشرات لا تشكل ضماناً ثابتاً واكيداً اقله بالنسبة الى مراقبين سياسيين يرون انه اذا كان الحد الادنى من التواصل لا يزال قائما فان ذلك لا ينفي احتمالات تبدل الامور بين لحظة واخرى على وقع التطورات الصدامية في المنطقة. فبالنسبة الى هؤلاء فان لبنان قد عبر حتى الآن القطوع الذي مثلته الازمة السورية بالنسبة اليه الا انه من غير المرجح ان يعبر تداعيات ازمة اليمن التي تستمر تشهد مواقف تصعيدية. وستكون مفارقة كبيرة وفق ما يرى هؤلاء ان يتمكن لبنان من مواجهة العواصف التي اتت من سوريا المجاورة ولا يتمكن من مواجهة تلك التي حملتها رياح اليمن. اذ ثمة اكثر من قلق لا يخفيه هؤلاء المراقبون على الوضع الداخلي وفق اعتبارات ليس اقلها ان الازمة في اليمن قد لا تمر مرور الكرام في لبنان انطلاقا من تساؤل اذا كانت ايران ستقبل التراجع عما حاولت تحقيقه في اليمن بناء على القرار الدولي الذي يعيد الحوثيين الى حجمهم الطبيعي ام انها ستعمد الى الرد في امكنة اخرى وخصوصا في لبنان حيث يتولى “حزب الله” قيادة معركة بالوكالة عن ايران ضد المملكة السعودية. فالحرب الاعلامية والسياسية استعرت في لبنان على خلفية المواقف من حرب اليمن في حين ان المواقف بين المملكة وايران لم تصل الى مستوى الخطاب العدائي نفسه ولو كان خلافيا بامتياز. واذا كان لبنان هو الكشاف الذي كان اول من عبر عن موقف ايران في موضوع اليمن، فيعتقد انه سيبقى كذلك في يتعلق بما بعد القرار الدولي الذي دان انقلاب الحوثيين وطالبهم بالانسحاب واعادة ما سيطروا عليه الى شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي ما احرج ايران وضيق هامش تحركها. لذلك من غير المستبعد تاليا ان تسعى طهران الى الرد عبر لبنان مجددا اي في ما يطلقه حزب الله من مواقف ومنه ايضا وذلك عبر رفض الاستمرار في الستاتيكو المتفق عليه داخليا واقليميا في الوضع الحكومي اللبناني وكذلك في الخط الواهي الذي يشكله الحوار الثنائي بين الحزب وتيار المستقبل والسعي الى قلب الامور في لبنان من خلال محاولة السعي الى تحقيق مكاسب في مقابل الخسارة التي منيت بها في اليمن. ومن هذه الزاوية بالذات ينظر هؤلاء المراقبون بريبة الى التهديد الذي يعتمده التيار الوطني الحر ازاء الانسحاب من الحكومة رفضا منه للتمديد للقادة الامنيين والعسكريين على خلفية الرغبة في تعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش او في اسوأ الاحوال تأجيل تسريحه من اجل المحافظة على حقه في تبوؤ منصب قيادة الجيش لاحقا على قاعدة ان هذا التهديد قد يكون الذريعة التي سيتم التمسك بها من اجل تطيير الحكومة وارباك الوضع اللبناني الداخلي على رغم ان هذا الاسلوب ليس جديدا وسبق لزعيم التيار ان سعى من خلاله الى الحصول على المكاسب التي يريد. فمع انه ليس معروفا عن تحبيذ الحزب اجراء تعيينات امنية راهنا، الا ان ازمة اليمن قد تكون فرضت عليه تعديلا في موقفه لا يفيد برغبته في اجراء هذه التعيينات مقدار ما قد يرمي الى قلب الطاولة لاحداث ازمة اكبر يسعى من خلاله الى تعويض ايران خسارتها في اليمن.

ولا يهمل اصحاب هذه المخاوف عناصر اخرى ترسم علامات استفهام قوية من بينها في شكل خاص تداعي الوضع الميداني في سوريا في غير مصلحة النظام في ظل مؤشرات عن احتمال انهياره اقتصاديا وماليا ايضا. اذ يرى هؤلاء ان الوضع في سوريا لن يكون منفصلا ايضا عن تداعيات ازمة اليمن ولا يمكن ايران ان تتساهل ازاءه اسوة بموضوع اليمن ولو ان من اسباب التداعي السوري خلافات داخلية بين اهل النظام نفسه. كما يراقبون في الوقت نفسه احتمالات اطلاق العسكريين المحتجزين لدى كل من النصرة وداعش قريبا والابعاد السياسية لهذه الاحتمالات ومعناها في حصول متغيرات قد تساهم في تبدل المعطيات التي يتم التعامل على اساسها حتى الان.