IMLebanon

هل يعود هوكشتاين سريعاً لتنفيذ المرحلة الأولى من مقترحه بعد تبنّي مجلس الأمن للقرار 2735 ؟! 

 

 

بعد تبنّي مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2735 الذي قدّمت مشروعه الولايات المتحدة الأميركية، ويدعو الى وقف فوري تام وكامل لإطلاق النار في قطاع غزّة وانسحاب قوّات الإحتلال الإسرائيلي بالكامل منه، مع الأمل بانعكاسه إيجاباً على الوضع في جنوب لبنان بعد بدء تنفيذه، سيسعى كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون أمن الطاقة والإستثمار آموس هوكشتاين الى أن يكون “اليوم التالي” لوقف الحرب في غزّة، بداية لاستكمال مفاوضاته غير المباشرة لترسيم، أو بالأصحّ لتحديد الحدود البريّة بين لبنان والعدو الاسرائيلي. وعلى هذا الأساس ستكون عودته قريبة جدّاً الى لبنان والمنطقة، فور بدء تنفيذ ما ينصّ عليه القرار الدولي الجديد من وقف فوري وشامل لإطلاق النار في غزّة وفي جنوب لبنان.

 

أمّا هدف زيارته فسيكون أولاً إعادة الأمن والإستقرار الدوليين الى هذه الحدود، على الأقلّ على النحو الذي ساد منذ 14 آب 2006 حتى 7 تشرين الأول 2023، رغم كلّ الإعتداءات والخروقات والأحداث التي شهدتها على مرّ هذه السنوات، وصولاً الى تنفيذ القرار 1701 بالكامل، للوصول الى استقرار مستدام في الجنوب اللبناني. علماً بأنّ هوكشتاين صرّح عشية انعقاد القمة الأميركية- الفرنسية في النورماندي، بأنّ أي إتفاق بين الطرفين لن يؤدّي حتماً الى سلام أبدي ودائم، لعلمه بأنّ تأجيل البتّ بمسألة الإنسحاب “الإسرائيلي” من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، من شأنه تأجيل التوصّل الى الحلّ النهائي، وإن جرى إظهار الحدود.

 

مصادر سياسية مطّلعة قالت أنّه بات على هوكشتاين اليوم بعد وقف إطلاق النار، أن يُقنع حزب الله بالذهاب الى هذه المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البرية، لا سيما بعد ما أعلنه الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله في شباط الماضي أن “لا شيء إسمه ترسيم الحدود البرية والحدود البرية مرسّمة”، وما كرّره في أحد خطاباته الأخيرة عن أنّه لا ترسيم للحدود البرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، وقال: “هناك تطبيق للحدود المُرسّمة، وهناك أماكن يحتلّها العدو ويجب أن يخرج منها”.

 

فكلام السيد نصرالله يشير الى أنّه لن يُوافق على أي ترسيم أو إتفاق يسعى اليه هوكشتاين، إذا بقيت القوّات “الإسرائيلية” محتلّة للأراضي اللبنانية، ألا وهي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر والنخيلة، وأماكن أخرى مثل القرى السبع وسواها، إنّما الى تطبيق ما تنصّ عليه الإتفاقيات والقرارات الدولية ذات الصلة. ولم يلجأ الى تعداد أسماء الأراضي المحتلة لكي لا يدخل في التفاصيل، سيما وأنّ القرار 1701  يُطالب “إسرائيل” من الإنسحاب من جميع الأراضي اللبنانية المحتلّة، وما على هذه الأخيرة سوى التنفيذ، إذا كانت فعلاً تبحث عن توفير الأمن والسلام للمنطقة.

 

ولأنّ ما يعرضه هوكشتاين هو أن يتمّ تطبيق “إتفاق الحدود البريّة” على مراحل، وفق المصادر، أي أن يتمّ خلال المرحلة الأولى إعادة الوضع الأمني على الحدود الجنوبية الى ما كانت عليه قبل 8 تشرين الأول الماضي… ففي حال التزم الطرفان جديّاً بوقف إطلاق النار، فإنّ عودة المستوطنين الى المستوطنات الشمالية من جهة، وأهالي الجنوب الى بلداتهم وقراهم من جهة ثانية، ستكون أمراً سهّلاً وطبيعياُ. مع العلم بأنّ ثمّة حاجة الى إعادة إعمار ما تهدّم من منازل ومنشآت وغير ذلك قبل تحقيق هذه العودة، على أن يقوم الجيش اللبناني بعد ذلك بتعزيز قدراته العسكرية والبشرية، بهدف ضبط الوضع الأمني في منطقة جنوب الليطاني، بالتعاون والتنسيق مع قوّات “اليونيفيل” العاملة في الجنوب منذ سنوات للحفاظ على الأمن والإستقرار الدوليين. وأكّدت المصادر أنّه من الممكن تطبيق هذه المرحلة، من دون الإشارة الى أنّها “بداية إتفاق الحدود المرتقب”، سيما وأنّ الحزب تعهّد بوقف إطلاق النار عند الجبهة الجنوبية، فور وقف الحرب في قطاع غزّة.

 

وترى المصادر نفسها بأنّ الموفد الأميركي حاول من خلال تقسيم مقترحه الى مراحل عدّة، طمأنة حزب الله لا سيما في المرحلة الأولى منه، من دون أن يعطيه “ضمانات ملموسة”. فهو لم يأتِ في مضمونها على ذكر “قوّة الرضوان”، ولا على ضرورة تراجع هذه الفرقة الى بضعة كيلومترات عن الحدود، على ما كان سُوّق في وسائل الإعلام، إنّما تحدّث عن العودة الى ما قبل 7 أو 8 تشرين الأول. وقد يكون أراد الإشارة ضمناً الى أنّ هذه الفرقة لم تكن موجودة في هذه البقعة من قبل، بل جرى استجلابها بعد أن أصبحت الجبهة الجنوبية “جبهة إشغال ومساندة” لحركة حماس في غزّة، وهي حُكماً لن تتواجد بكثافة فيها بعد أن تعود الأمور الى مجاريها عند الحدود.

 

أمّا المرحلة الثانية، على ما تابعت المصادر، فتتعلّق بدعم لبنان لتحسين وضعه الإقتصادي والمالي، والإفراج عن مشروع استجرار الغاز والطاقة من مصر والأردن عبر سوريا، والذي سبق وأن اصطدم بـ “قانون قيصر” المفروض على سوريا من قبل الولايات المتحدة الأميركية. ومن المفترض أن يجد هوكشتاين مخرجاً لهذه العقوبات التي طالت لبنان، وأعاقت تزويده بالكهرباء طوال الفترة الماضية.

 

أمّا المرحلة الثالثة، فهي، بحسب رأي المصادر، الأهمّ لتأمين الأمن والإستقرار الدائمين على الحدود. وتتناول مسألة تحديد الحدود البريّة بين لبنان و”إسرائيل”، إنطلاقاً من الإطار العام للقرار الأممي 1701. وهنا لا بدّ من أن يجد هوكشتاين المخارج المناسبة للطرفين لتطبيق القرار المذكور، ما يقوده الى إنجاز “الإتفاق البرّي للحدود بينهما”. علماً بأنّ هذه المرحلة لم تتضمّن الإنسحاب من المزارع وتلال كفرشوبا وسواها، الأمر الذي لن يقبل به لبنان، بل يُطالب “الإسرائيلي” بالإنسحاب من جميع الأراضي والأماكن اللبنانية التي يحتلّها. في المقابل، يُواجه أيضاً بعدم موافقة “الإسرائيلي” على وقف طلعاته الجويّة التي تخرق السيادة اللبنانية والقرار 1701.

 

ولا بدّ للبنان أيضاً أن يُثبت للأمم المتحدة التي تمتلك الإتفاقيات والوثائق والخرائط عن لبنانية مزارع شبعا وكفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر والنخيلة، إن من خلال التوافق مع سوريا أولاً على لبنانيتها، أو من خلال تزويدها بالمزيد من المعلومات المتعلّقة بملكية الأراضي وسوى ذلك. ويؤكّد بالتالي على ضرورة الإتفاق على النقاط الـ 13 التي يتحفّظ عليها عند الخط الأزرق سيما وأنّه خط إنسحاب وليس خط الحدود، لا بل يبعد عنها كيلومترات عدّة، لا ينوي لبنان بالتخلّي عنها للعدو.

 

وبناء عليه، أشارت المصادر ذاتها الى أنّه يُمكن تنفيذ المرحلة الأولى من مقترح هوكشتاين، الذي لا علاقة له بإظهار الحدود سريعاً، من خلال عودة الهدوء الى المنطقة الجنوبية، غير أنّ المصادر ترى بأنّ المرحلة الثانية ستكون أكثر صعوبة، في حال لم ترفع بلاده العقوبات عن سوريا. أمّا المرحلة الثالثة فستكون أكثر تعقيداً، سيما وأنّ هوكشتاين يريد تحديد الحدود وترك المزارع والتلال الى مرحلة لاحقة، ما يجعل الخط المرسّم ليس حدود لبنان الفعلية والنهائية.