الحرب الضارية على القوات اللبنانية واتهامها بالتخطيط لإجراء الانتخابات المقبلة على أساس قانون الستين تُشبه من يتخبّطه مسٌّ عقليّ، يكذب ويصدّق أكذوبته، وينتظر من اللبنانيّين أن يلغوا ذاكرتهم القريبة ويصدّقوا “أكذوبته” الانتخابيّة!!
لا تحتاج هذه الاتهامات إلى كثير كلام، ببساطة نحن نحيل القارىء على الحادي عشر من تشرين الثاني من العام 2015 وهو يوم شهد إعلاناً عريضاً رفعه الدكتور سمير جعجع تحت عنوان “سعد الحريري أنقذ لبنان”، يومها كان الاشتباك على أشدّه عشية جلسة تشريع ضرورة حدّد موعد انعقادها في 12 تشرين الثاني، وخاض المسيحيّون مجتمعين في وجه هذه الجلسة التشريعيّة رافضين انعقادها من دون إدراج بندين على جدول أعمالها، وكان مطلوباً يومها من القوّات اللبنانيّة أن تؤمّن الغطاء المسيحي لتكون هذه الجلسة ميثاقيّة تحمل صفة الشركة الوطنيّة، يومها نجحت القوّات اللبنانيّة في انتزاع ـ بحسب ما أعلن الدكتور سمير جعجع بنفسه “التزام كتلة المستقبل بعدم حضور أيّ جلسة تشريعية تلي الجلستين المقررتين إلا إذا كان على رأس جدول أعمالها قانون انتخابات جديد لبحثه ومناقشته حتى إقراره”، وهنا علينا أن نتساءل كيف يكون من اشترط أن يكون على رأس جدول أعمال أي جلسة للمجلس النيابي ” قانون انتخابات جديد”، فهل هناك أكذب من جماعة “الثنائيّة الشيعيّة” في حربها الشّعواء التي تشنّها على القوّات اللبنانيّة؟!
“لَوْثَة” أو “شَوْطَة”، ربّما هذا هو الوصف الأفضل لما نقرأه هذه الأيّام عند “كتبة” حزب الله، فقد دخلوا في “هستيريا” جماعيّة تستنفر كلّ طاقاتها في شنِّ حربٍ شعواء على القوّات اللبنانيّة، بلغت حدّ تحذير أحدهم من “وباء القوّات اللبنانيّة من هواء العهد” وحدّ تصديق أكذوبات يخترعونها ويصدّقونها تنفي الدّور الأوّل والحقيقي الذي لعبته القوّات اللبنانيّة في صناعة هذا العهد وهوائه.
“رُبَّ ضارّة نافعة”، على الأقل تكشفُ هذه الـ”لَوْثَة” حجم الخوف من القوّات اللبنانيّة وخيارها في “رصّ الصفّ المسيحي”، هؤلاء اقتاتوا زمناً طويلاً على انهيار المسيحيّين وتصدّع صفوفهم، وتفضح هؤلاء “الخائفين” تمهيداتهم الساعية لفصل تعنّت “وكيل التفاوض” الرئيس نبيه برّي وتعطيله لتشكيل الحكومة العتيدة ومنعه انطلاقة العهد الرئاسي مستتراً بحقيبة وازنة يُريد أن يفرضها بالإكراه على رئيس الجمهوريّة! وهنا من الواجب تذكير هؤلاء بزيارة الرئيس العماد عون إلى عين التينة عشيّة موعد جلسة انتخابه رئيساً للبلاد وما رافقها من إعلان عن اشتراط الرئيس نبيه برّي حضوره منفرداً من دون أن يرافقه جبران باسيل للقاء بري، لماذا استغفال ذاكرة اللبنانيّين إلى حدّ استغبائهم، فكيف فجأة بات يقال موقف برّي وفرنجيّة ليس موقف حزب الله؟!
“رُبّ ضارّة نافعة”، من يريد المسارعة لـ”ضبضبة” ما طفا على السطح من حقيقة موقف “الثنائيّة الشيعيّة” وتضرّرها من الواقع الذي فرضه التوافق “المسيحي ـ المسيحي”، وللمناسبة لا بُدّ من التنبيه هنا أنّ “الثنائيّة الشيعيّة” لا تخترع نهجاً جديداً في سعيها لهدِّ مفاعيل “تفاهم معراب” التاريخي، فهي تستخدم نفس أسلوب الاحتلال السوري “فرّق تَسُد”، ثمّة تاريخ من الحقد والكراهيّة لهذه الحرب الشعواء على القوّات اللبنانيّة، وهذا ليس سرّاً، كان يكفي أن يسأل أي مواطن لبناني نفسه من هي القيادة التي تحظى بشرف كراهيّة وحقد النظام السوري عليها، ليجيب المواطن نفسه “سمير جعجع”، وهذا وحده شهادة تاريخيّة في وطنيّة ونضال هذا الرّجل الصّلب، وهذه الكراهية ورثها “ورثة” الاحتلال السوري الجُدد، لم يتغيّر شيء في هذا التاريخ، فالرّجل الذي محا “الاتفاق الثلاثي” الموقّع في 28 كانون الأول 1985 لابتلاع لبنان، فاستعاد لبنان من حلق الأسد في 15 كانون الثاني من العام 1986، ولا ينتظرنّ أحد أن تفتر همّة “ورثة الاحتلال الجُدد” في شنّ الحروب المتتالية على القوات اللبنانيّة وقائدها، الرّجل في “اتفاق معراب” قلب الطاولة وخلط الأوراق وربح معركة الحفاظ على الجمهوريّة والرئاسة ويخطّط للانتصارات اللاحقة، ومن يَعِش يَرَ.