IMLebanon

الدائرة الفردية  

الهدف الوطني والدستوري والقانوني والمبدئي من اي قانون انتخاب هو تحقيق التمثيل الفعلي الذي يعبّر عن اراء الناس ومعتقداتهم وطموحاتهم.

وفي الدراسات التي اعدّها كبار علماء القانون السياسي في العالم تبيّـن انه لا يوجد  اي نظام يمكن ان يوفّر العدالة الكاملة،  هناك عدالة نسبية يمكن  التوصل اليها، ولكن  ليس من عدالة حقيقية كاملة.

وكان في تقدير علماء قانون وسياسة ان النظام الاكثري  هو المحك. فمن ينل الاكثرية يحظَ بالربح… من ينل الاكثرية حتى ولو كانت 51 في المئة يفزْ بالحصة كلها… والذي ينال اقل من 50 في المئة له  الله!

طبعا ليس من عدالة في هذه الممارسة التي تعتبر «مسؤولة»  عن قيام «المحادل»  الانتخابية، او الحافلات الانتخابية التي توصل من يستحق ومن لا يستحق!

والكلام على قانون الانتخاب مزمن في لبنان، في كل مرّة ترتفع وتيرته ثم  لا تلبث ألسنة لهيبه ان تخبو. وتتوالى النظريات ممن يعرف وممن لا يعرف. فيتحول القوم الى خبراء في السياسة وفي الدستور وفي الانتخابات.

وفي تقديرنا انّ افضل مثال يُحتذى في هذا السياق هما المثال البريطاني والمثال الفرنسي، ومثال دول كثيرة في مختلف انحاء العالم. ولا اظننا، في لبنان، نأذن لانفسنا بأن نزايد على لندن وباريس في المجال الديموقراطي. والبلدان (فرنسا وبريطانيا العظمى) تعتمدان الدائرة الفردية.

ونرى ان نظام الدائرة الفردية هو النظام الامثل او الاقرب الى ان يكون الامثل، وليس في مقدور احد ان ينكر انّ اعتماد الدائرة الفردية يساوي بين الناخبين اللبنانيين بشكل افضل. حاليا الناخب البشراوي (مثلا) قدرته ان يقترع فقط لمرشحين اثنين. بينما الناخب في كسروان يقترع لخمسة مرشحين والناخب في بعلبك – الهرمل يقترع لاثني عشر مرشحا.

وببساطة، فإنّ هذا يعني تمييزا، غير مقبول، بين اللبنانيين، وهو ضرب للمساواة التي ينص عليها الدستور ونصّت عليها كذلك شرعة حقوق الانسان، وقبلا وردت في الوحي الالهي وفق عقائد الناس المتنوعة.

والذين يريدون الانتخابات على قاعدة حزبية يكون لهم ما يريدون في الدائرة الفردية. صحيح ان هناك مرشحين افراديين، الا ان كلاً منهم يكون منتميا الى هذا الحزب او ذاك، وهذه الكتلة او تلك، وهذا الحزب او ذلك! وعليه فيقدّم هذا الحزب او هذا التيار او ذلك  التكتل (الخ..) مرشحيه في 128 دائرة انتخابية (فردية) يواجههم 128 مرشحا من الحزب الاخر، و 128 مرشحا او اقل من حزب ثالث… الى المرشحين المستقلين او الذين ترشحهم الاحزاب الوسطية، او تلك ذات الحضور المحدود.

ثم ان المرشح عن الدائرة الفردية يُفترض انّه على دراية بدائرته وعلى معرفة وثيقة بأهلها، بمطالبهم بآمالهم وامانيهم الخ…

فهل يتحقق اقرار الدائرة الفردية؟

انه حلم اجمل من ان يكون حقيقة!

ولكن من يعلم؟!

وفي شأنٍ متصل اننا ضدّ «الكوتا» للمرأة وستكون لنا عودة الى هذه النقطة.