مذهلة الأرقام التي نشرتها الزميلة «المستقبل» أمس عن الفلتان على مستوى الجريمة الفردية التي تضرب لبنان. ولقد يكون بعيداً عن المنطق والعقل عموماً المرور على هذه « القضية» من دون التوقف عندها.
ونقول إنها « قضيّة» بثقة وتأكيد… إذ ليس بالأمر السهل أن تقع غير جريمة (فردية) يومياً. فأنْ يكون قد سُجّل وقوع 107 جرائم قتل في الأشهر الستة الأولى من العام 2017 الجاري يعني نحو 18 جريمة في الشهر الواحد، فليؤذن لنا أن ندّعي أنه رقم مرعب من دون أدنى شك.
لسنا إختصاصيين أمنيين، ولا نحن خبراء في الشأن الإجتماعي. إلاّ أننا من موقعنا الإعلامي – الوطني، نرى أن مثل هذا الواقع يقتضي التعامل معه بجدية كاملة، وبمسؤولية كبيرة، وبقرارات نوعية نافذة.
وفي تقديرنا أنّ وراء تفاقم الجريمة سلسلة عوامل ودوافع. ولا نقصد من تعداد بعضها في الآتي من الكلام أننا نجد أي مبرِّر، مهما كان، للمجرمين الذين يفتقدون الحد الأدنى من الضمير.
أولاً – إن النزوح السوري، أسهم الى حد كبير في الجريمة على أنواعها وليس جناية القتل وحدها. وهذا أمرٌ معروف، ولا شك في انّ لدى السلطات المختصة الكثير من المعلومات، الموثقة بالأرقام والوقائع، حول هذه النقطة.
ثانياً – إنّ ثمة ثغرة كبيرة بين سلطتين في البلد… وهي الثغرة التي يفيد منها المجرمون لارتكاب جرائمهم. ونعني أنه بقدر ما تبدو السلطة الأمنية ناشطة في تعقب الفاعلين وإلقاء القبض عليهم وإحالتهم الى المراجع المعنية، بقدر ما تبدو السلطة القضائية في مكان آخر: فمن جهة هناك تباطؤ كبير في اصدار الأحكام… ولسنا معنيين في تحديد أسباب هذا التباطؤ، إلاّ أننا نسجله. ومن جهة ثانية هناك ما نسمّيه « تساهلاً» في إصدار الأحكام، إذا أُصْدرت. وقد لا نكون من القائلين بأحكام الإعدام في إقتناعنا وفي المبدأ، إلاّ اننا نميل الى أقصى التشدد في العقوبة، وربما حتى الإعدام، لأنه لابد من رادع.
ثالثاً – إنتشار السلاح الفردي بين الناس: فكل من يريد أن يقتني سلاحاً يمكنه الحصول عليه وبأسهل الطرق. ولسنا ندري ما إذا كانت تجارة السلاح الفردي خاضعة للرقابة، وما إذا كانت هناك لوائح بأسماء مقتني هذا السلاح الفردي متوافرة لدى الجهات المختصة في وزارة الدفاع وقيادة الجيش.
رابعاً – إنتشار المخدرات على أنواعها بين أيدي الجيل الشاب من شأنه أن يجعل الكثيرين فاقدي الإحساس بالمسؤولية.
خامساً – سقوط سُلم القيم في البلد بشكل مروّع وانتشار البدع على أنواعها والإنقياد الأعمى الى تقليد الخارج والصرعات المستوردة.
سادساً – البطالة الواسعة، واليأس من الواقع، والنظرة المتشائمة الى المستقبل (…) خصوصاً فقدان القيم الدينية والوطنية والإنسانية (…) كلُّها عناصر تُسهم في ازدياد الجريمة الفردية…
سابعاً – نسأل عن دور وزارة الدفاع والجيش في هذه النقطة كذلك، خصوصاً وأن الأمن هو أيضاً من مسؤولية الجيش على امتداد الأراضي اللبنانية بموجب تكليف رسمي من مجلس الوزراء. فلماذا لا نسمع بلقاءات وإجراءات تتخذ على صعيد (الدفاع) والجيش؟!.
صحيح أن وزارة الداخلية لا تتنصل من مسؤوليتها، ولكن المسؤولية ليست عندها حصرياً…
ولنا عودة للموضوع الأمني.