Site icon IMLebanon

المبادرات الفردية “بحصة” تسند “خابية”… خاوية

 

محاولات جدّية لامتصاص الأزمة والمساعدة على الصمود

 

المبادرات الفردية “بحصة” تسند “خابية”… خاوية

أما وقد وقع فأس الإنهيار على رأس البلد، مُهدِّداً بإنزال أكثر من 50 في المئة من اللبنانيين إلى تحت خط الفقر، فقد حان وقت البحث عن بدائل حقيقية تُساعد على الصمود، وتُشجّع على استمرار التصدي لمافيا السلطة التي نهبت البلد. مبادرات المجتمعَين المحلّي والمغترب التي بدأت تظهر “تكبّر القلب”، وتؤشّر إلى فصل جديد من بناء لبنان الحقيقي، سيُضاف إلى كتاب الثورة.

 

على عكس الكثير من الدول التي تتّخذ في الأزمات إجراءات فورية لحماية الطبقات الأكثر عرضة للجوع، فإنه لم يُسجَّل في لبنان إجتماع “سلطوي” واحد لمناقشة الأزمة النقدية، واتخاذ الإجراءات العقابية بحق من أوصل البلد الى الإنهيار والإفلاس، وتقديم الحلول الوقائية. وعلى حدّ قول أحد “المتموّنين” أمام متجر للمواد الغذائية: “من ينتظر أي مبادة من هذه الدولة، كمن يطلب الدبس من طرف النمس”.

 

مصر على سبيل المثال، ونتيجة التدابير الإقتصادية الصعبة التي فُرضت عليها، كتحرير سعر صرف الجنيه (3/10/2016) ورفع الدعم عن الكثير من السلع، ومنها المشتقات النفطية، في إطار برنامج الإصلاح، عمدت بالمقابل إلى تأمين بطاقات تموينية بقيمة 50 جينهاً لكل فرد لتأمين المواد الغذائية الأساسية شهرياً، أما في لبنان فقد جرى دعم شمولي لتأمين الدولار لاستيراد ثلاث سلع، وهي النفط والدواء والقمح بقيمة 6 مليارات دولار(هذا ان طُبّق!)، وافتقاد القدرة على استيراد بقية السلع، وترك الأسواق فريسة الفراغ.

 

 

 

الأمن الذاتي “غذائياً”

 

هذا التمييز السلبي، المترافق مع بدء نفاد الكثير من السلع الأساسية وارتفاع في الأسعار تجاوز في كثير من الأحيان 50 في المئة أشعَر المواطنين بخوف حقيقي من الجوع في المستقبل القريب. فعمدت بلدية عيناتا إلى تطبيق خطة “أمن غذائي” ذاتي، تتلخّص بالطلب من المواطنين تأمين حوالى 170 دونماً، من الأراضي ليصار الى زراعتها بمنتجات القمح والحمص والعدس. البلدية ستؤمّن حوالى طن من البذار وستتساعد مع المزارعين لزراعة البيادر، على أن يصار الى توزيع “الغلة” على أبناء القرية. وبحسب مصادر البلدية “سيصار إلى بيع الكميات المنتجة الفائضة وتحقيق إفادة مادية للعائلات الأكثر حاجة”.

 

“جمعية التجارة العادلة” التي انطلقت في العام 2006 بهدف تأمين فرص عمل في الريف وشراء إنتاج المزارعين، أطلقت بدورها مبادرة “stand for Lebanon”. الحملة تهدف إلى تأمين التمويل الكافي لشراء محاصيل حوالى 50 وحدة إنتاجية “تعاونية زراعية”، تمتد على كامل مساحة الوطن من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، وإعطاء المنتجات الغذائية من زيت وزيتون ومونة بيتية ومربيات الى العائلات المحتاجة. ويلفت رئيس الجمعية سمير عبد الملك إلى “أننا نتحمل المسؤولية في ظل هذه الظروف الصعبة لتقديم أكثر ما يمكننا لمساعدة المواطنين على الصمود. فالخطوة تعتبر win win solution، فهي من جهة تؤمّن الدعم لأفراد التعاونيات الزراعية، سواء كانوا مزارعين أو ربّات منازل يُنتجن المونة البيتية أو مؤسسات صغيرة تُنتج المواد الغذائية، ومن جهة أخرى تؤمّن متطلّبات الحياة للأسر الفقيرة والمحتاجة”.

 

المبادرات الفردية، على أهميتها، تبقى محدودة قياساً إلى المستوى الخطير الذي وصلته الأزمة، “ومع الأسف فإن كل المبادرات الإجتماعية هي بمثابة البحصة التي تسند الخابية”، يقول عبد الملك. ومع هذا ليس هناك من بديل خصوصاً “مع عجز الدولة وفقدان الثقة بها لإيجاد المخارج والحلول للمأساة الإجتماعية والمشـــاكل التي يتخبّط بهــا البلد”.

 

إنحلال الدولة

 

الصورة الأخطر التي ظهّرتها الأزمة هي “انحلال الدولة، واستقالتها من دورها الطبيعي في مصارحة الرأي العام بحقيقة المخاطر التي تواجه البلد، وتحديداً لجهة فقدان السيولة من المصارف، والطرق التي ستعتمدها للمعالجة، وكيفية توزيع الأكلاف على الأفراد والطبقات الإجتماعية”، يقول المستشار أديب نعمة. وبرأيه إن “النتائج المترتّبة عن غياب الدولة خطيرة جداً، خصوصاً أننا أصبحنا في قلب الأزمة، ولم نعد نملك ترف الوقت للمعالجة. من هنا، على المتضررين وهم كثر من افراد واصحاب مصالح، الضغط أكثر على اماكن الوجع، سواء كانت مصارف أم مصرف مركزي ام إدارات الدولة، والدفع باتجاه إيجاد البديل الحقيقي الكفيل بحلّ الازمة بطريقة عادلة”. إصلاح النظام وإيجاد دولة حقيقية تستطيع معالجة الامور أصبحا أبعد بكثير ممّا يحصل من عمليات تجميلية، و”ترقيع” النظام المهترئ، وأصبح يتطلّب وجود دولة قادرة نظيفة تُشبه مطالب المواطنين في الميادين، تُعيد بناء لبنان على قواعد سليمة.