رغم انّ الصناعة تعتبر اليوم المصدر الأساسي لإدخال العملات الاجنبية الى البلد، ورغم التوسّع الذي حققه القطاع في السوق المحلي، لا تزال غالبية المصانع اللبنانية تعمل بأقل من قدرتها الإنتاجية، لأنها تعاني نقصاً في القدرة على تأمين المواد الأولية الضرورية لاستمرارية عملها.
بعد تراجع حجم الاستيراد من حوالى 20 مليار دولار سنوياً الى حدود 11 مليار دولار، لاحَظ المستهلك فقدان الكثير من المنتجات، لا سيما الأوروبية الصنع، من الأسواق، لتستحوذ المنتجات اللبنانية الصنع على حصة الأسد من لائحة مشتريات المستهلك، خصوصاً مع زيادة إنتاج الصناعات الغذائية بما بين 20 الى 25 % من حصة السوق.
وفي السياق، يؤكد نائب رئيس جمعية الصناعيين جورج نصراوي لـ»الجمهورية» انّ الأزمة المالية القائمة وتقلّص التحاويل الى الخارج انعكسا تراجعاً في حجم الاستيراد، فكانت الصناعة اللبنانية سبّاقة الى الابتكار وخَلق خطوط إنتاج جديدة أضيفت الى مجموعة الانتاجات السابقة، لتحلّ مكان المنتجات الأجنبية التي تراجع حجم استيرادها او ارتفع سعرها بشكل لافت. على سبيل المثال، بعد ارتفاع سعر «النوتيلا» وتوقّف استيرادها، لجأت عدة مصانع لبنانية الى إنتاج البديل، كذلك أوجَدت بعض المصانع منتجات جديدة في الصلصات على أنواعها والبسكويت والكحول من الويسكي والفودكا… فكل مصنع بحسب اختصاصه ونوعية آلاته عَملَ على تعديل خطوط إنتاجه لخلق منتجات جديدة تسدّ حاجة السوق، واعداً بمروحة جديدة من المنتجات اللبنانية التي ستطرح في السوق قريباً.
وأضاف نصراوي انّ الصناعات الغذائية اللبنانية تمكنت من تأمين بديل عن 20 الى 25 % من المستوردات. كذلك ارتفعت حصة السوق اللبنانية من حيث الصناعات الكيمائية والمنظفات والكمامات، كما أقدمت مصانع الادوية اللبنانية على تصنيع مجموعة أدوية جنريك جديدة تحتاجها السوق اللبنانية.
وعن الجودة، يقول: في كل دول العالم هناك تجار او صناعيون يَبغون الربح السريع ولا تعترف بهم لا وزارة الصناعة ولا جمعية الصناعيين ولا غرفة التجارة، ولتجنّب الوقوع في أفخاخهم، ما على المستهلك سوى التأكّد من وجود اسم الجهة التي قامت بتصنيع المنتج على السلعة وليس فقط «صنع في لبنان»، كما يجب التأكد من وجود «الباركود» على المنتج، لافتاً الى انّ السوبرماركت عادة ما تتأكد من كل هذه التفاصيل قبل عرضها، ويبقى على المستهلك ان يتنبّه لهذه التفاصيل عند الشراء من المحلات الصغيرة.
ورداً على سؤال، قال نصراوي: صحيح انّ الاستيراد تراجع، لكن لا يزال هناك بعض السلع التي لا يمكن الاستغناء عن استيرادها، مثل صناعة «التونة»، لأنّ كلفة إنتاجها عالية، وقد سبق أن أُنشِئ معمل لصناعة التونه في لبنان الّا انه ما لبث ان أقفل.
توفير المواد الاولية
ورداً على سؤال، أكد نصراوي انه رغم التوسّع في السوق المحلي لا تزال غالبية المصانع اللبنانية تعمل بأقل من قدرتها الإنتاجية الحالية، لأنها تعاني نقصاً في القدرة على تأمين المواد الأولية الضرورية لاستمرارية عملهم، وكلّنا يعلم انّ المصارف، وبحَجزها للأموال، تحدّ من قدرة الصناعي على التوسّع في إنتاجه.
وقال: إزاء هذه الأزمة، كان أمام الصناعيين حَلّين: الأول، كان بالاتفاق بين جمعية الصناعيين ووزارة الصناعة ومصرف لبنان بتأمين حوالى 100 مليون دولار من أموال الصناعي ليتمكّن من استيراد مواد أولية. ويوفّر هذا الحل راهناً أموالاً لاستيراد المواد الأولية، إنما الإجراءات المفروضة على الصناعي للاستفادة من الأموال غير سهلة مطلقاً، ويَصعُب على كل الصناعيين الاستفادة منه.
أما الحل الثاني فيكمُن في cedars fund oxygene، والتي هي بمثابة شركة خاصة حَلّت كبديل من المصارف والتي تسهّل تأمين المواد الأولية للمصانع، وقد بدأ بعض الصناعيين بالاستفادة من خدماته.
سلة التنفيعات
من جهة أخرى، كشف نصراوي انّ السلة الغذائية المدعومة الفضفاضة بنسختها الأولى، أي قبل ترشيدها كانت خطوة خاطئة ويَشوبها الكثير من التنفيعات الخاصة لأشخاص معينين. وكان هناك خطأ كبير في أساس تركيبتها، وقد أثّرت سلباً في العديد من الصناعيين اللبنانيين لأنها دعمت منتجات متوفّرة في السوق اللبنانية، وكان الأجدى دعم بعض المواد الأولية للصناعة الكفيلة بتوفير بديل عن المستوردات وتصل الى شريحة أوسع من اللبنانيين ما كان سينعكس إيجاباً على اليد العاملة اللبنانية وصولاً الى المستهلك بأسعار أدنى بكثير ممّا تمّ تسعيرها بعد الدعم. ولفت الى أنه بعد ترشيد الدعم حذفَ عدد كبير من السلع التي يمكن إنتاجها محلياً.