IMLebanon

قطاع الصناعة في الجنوب يُحتضر

 

 

لم يتخلّ خضر سرحان عن صناعة الصابون، رغم النزوح قرّر العمل ولو «عالخفيف» كي يتمكّن من مواجهة تداعيات الأزمة الأقتصادية وملحقاتها. كان يملك مصنعاً صغيراً لصناعة الصابون في بلدة كفركلا، ويصدّر انتاجه إلى السوقين المحلية والخارجية، بعدما أدخل تعديلات كثيرة على صناعته.

 

حالياً، لا يعرف شيئاً عن مصنعه بسبب القصف المتواصل الذي تتعرّض له كفركلا، ما يعرفه أنّ القطاع الصناعي في الشريط الحدودي توقّف كلّياً. يحاول سرحان انتاج كمية من الصابون لكي يعرضها في إحدى الأسواق الشعبية، غير أنها «مشلولة»، كما يقول، فتداعيات الحرب لم تقتصر على القرى الحدودية فحسب، بل انعكست على كل القرى والأسواق في المنطقة.

 

في العادة كانت كل سوق تدرّ عليه أسبوعياً 500 دولار، كون الصابون يأتي بعد المواد الغذائية مباشرة كحاجة إستهلاكية، ويقول»اليوم لا أبيع بأكثر من 50 دولاراً أدفعها ثمن نقل وايجار البسطة، وهذا يعكس حجم الكارثة التي حلّت بنا».

 

هو واحد من عشرات الصناعيين الذين أوقفت الحرب أعمالهم وهجّرتهم. فقد تضرّر القطاع الصناعي في جنوب لبنان بشكل كبير، سواء بشكل مباشر كالصناعات الحرفية في قرى الحدود، أو غير مباشر كالمصانع في باقي القرى، وهو أمر لا يخفيه نائب رئيس غرفة الصناعة في الجنوب جمال جوني، مؤكداً «أنّ الوضع الصناعي والإقتصادي تراجع كثيراً، بل حركته شبه معدومة».

 

توقفت حركة معامل الأحذية في بنت جبيل، قبل الحرب كانت المعامل الثلاثة الصامدة تئنّ من الوضع الاقتصادي وقلة الدعم، اليوم جاءت الحرب لتوقفها ولو موقّتاً. خسائر كبيرة تكبّدتها تلك المعامل التي كانت تصدّر انتاجها إلى السوق المحلية، أمر يشير اليه وسام حوراني صاحب أحد معامل الأحذية فيقول «مسكّرين وتائهين» في دلالة على الواقع السيّئ حالياً. في حساباته «الخسائر كبيرة، فالحرب دمرت كل الاقتصاد، وعدنا سنوات الى الوراء».

 

شكّلت الصناعات المحلية الخفيفة التي توزّعت بين صناعات غذائية وأحذية ومصانع حديد والومينيوم ومولدات كهربائية، جزءاً من تطوير اقتصاد القرى الجنوبية، ويعتمد قسم كبير من سكان المنطقة عليها، وترك توقفها منذ أربعة أشهر أثره في حياتهم، ويقرّ حوراني أن «الصناعة كانت جزءاً من اقتصاد القرى، توفّر فرص عمل لعدد من أبنائها، اليوم نجهل مصيرنا، ولكننا سنعود للعمل مباشرة بعد انتهاء الحرب». وأمل في «أن نتمكّن من التحضير للموسم الربيعي، ولكن ما نخشاه هو ارتفاع أسعار المواد الأولية ومعها الضرائب الجديدة التي فرضت بفعل الموازنة، إذ لا نعرف مدى تأثّرنا بها، لأنها حكماً ستؤثّر في الأسعار».

 

وتبعاً لجوني «فإنّ النمو الاقتصادي يحتاج الى استقرار، وهو أمر لم يتوافر يوماً، أضف الى أنّ دورة الاستهلاك اليوم متوقفة، وهذا أيضاً يؤثر في الصناعة، فحين تُقفل السوق المحلية تتوقف الصناعة».

 

لا توجد دراسة عن مدى تأثر الصناعة في الجنوب بالحرب، غير أنّ جوني يشير إلى أنّ «حجم التأثير في الصناعات المتوافرة متفاوت بين صناعة وأخرى»، مع تأكيده أنّ إطالة أمد الحرب ليست لمصلحة الصناعة.

 

وفقاً لجوني «ما زالت الضرائب معقولة ويستوعبها الصناعي، شرط أن تصرفها الدولة في المكان الصحيح وبشكل عادل». ويؤكد «أننا مستعدون للمساهمة في الإنماء، لأنه حين يكبر الاقتصاد تدعم الصناعة والزراعة والسياحة أكثر، شرط توفير المناخ المناسب للاقتصاد وصرف الضرائب في مكانها الصحيح».

 

قطاع آخر يضاف إلى القطاعات التي تأثرت بالحرب ويعوّل عليه للنهوض بالاقتصاد، ففي كل دول العالم تدعم الحكومات الصناعات المحلية إلا في لبنان، تركتها تصارع وحيدة، وجاءت الحرب لتقضي عليها، فهل تكون الحرب هذه المرة رافعة للنهوض بها؟!