IMLebanon

«حالات حتماً» و«فيدرالية الرابية» طروحات ارتجالية

لم تمح بعد من الذاكرة ويلات وآثار الحرب الاهلية وصورها البشعة وخصوصاً من سجلات ونقاشات احزاب اليسار اللبناني او الجبهة الوطنية التي تنضوي اليوم في قوى 8 آذار ولقاء احزابها. وفي السياق تؤكد مرجعية قيادية بارزة في 8 آذار ان نقاشات تدور في اوساط حزب الله وحلفائه وتبقى في إطار إبداء وجهات النظر وداخل الاطر التنظيمية الضيقة. فإذا لم يصدر اي موقف رسمي عن قضية ما وخصوصاً في الفترة الحالية التي تشهد صراعات وإحتكاكات في السياسة وتسجيل النقاط والمزايدات، لا يعني ان لا رأي في هذا الامر لكن المصلحة تقتضي بأن لا يظهر الموقف بشكل رسمي او ببيان او عن شخصية ذات وزن كي لا نساهم في تذكية السجالات وتاجيجها وكي لا نكون طرفاً في تمييع القضايا الوطنية الاساسية فهل على سبيل المثال لبنان في حاجة اليوم الى فدرالية او غيرها او تعديلات في الطائف قبل إنتخاب الرئيس او عودة التشريع الى مجلس النواب والتئام الحكومة لاقرار التعيينات وتسيير شؤون الناس وإعطائهم حقوقهم من سلسلة الرتب والرواتب وغيرها من القضايا الحيوية؟

طروحات رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون الاخيرة وخصوصاً المطالبة بالفيدرالية تراها المرجعية وجهة نظر تخص العماد عون وحده ولم نناقش داخل اوساط 8 آذار او مع حزب الله وهو طرح نأخذه في الشكل بجانبه الاداري والاجتماعي والاقتصادي والإنمائي فليس احد في لبنان ضد توسيع صلاحيات الادارات المناطقية وتعزيز اللامركزية الادارية وتسهيل امور الناس لكن الفيدرالية والكونفدرالية في بلد مثل لبنان دونه صعوبات كثيرة وتشير المرجعية الى ان قانون التنظيم الاداري الذي رعته ومولته الامم المتحدة وسهلت إنجاز دراساته ما زال عالقاً في لجنة الادارة والعدل منذ عشرين عاماً وقبلها نام ما يكفي في لجنة الدفاع الوطني. وهذا يؤكد ان لبنان وساسته وشعبه ليسوا جميعاً جاهزين لاي طرح قد يمس ما يعتبرونه حقوقاً مكتسبة او يقترب من «بوابة» حصتهم الطائفية.

وتلفت الى ان الفيدرالية تحتاج ايضاً الى آليات لتنفيذها ومعرفة كيفية تقسيم المناطق او الادارات المحلية. فهل تقسم على اساس طائفي او مناطقي او جغرافي وغيرها؟ وهنا يكمن شيطان التفاصيل وبداية الدخول في عنق الزجاجة. وتستشهد المرجعية البارزة التي شاركت في كثير من محطات التفاوض خلال الحرب الاهلية بمواجهة شعارات التقسيم خلال الحرب الاهلية ومنها «حالات حتماً» الشعار الشهير الذي رفعته القوات اللبنانية وغيرها من طروحات الفدرلة والتقسيم والكانتونات الطائفية وكذلك طريق القدس تمر من جونية كلها طروحات دفعنا ثمن مواجهتها دماء وتضحيات ولم نسدد فاتورتها حتى اليوم ولم نصدق كيف انتهت الحرب الاهلية وانتجت صيغة الطائف التي رغم علاتها نراها ما زالت صالحة.

التباين في وجهات النظر بين حزب الله و8 آذار والعماد عون كثيرة وهذا دليل على صحة التنوع وعافية التحالف فالنقاط الاستراتيجية من المقاومة الى مكافحة الارهاب او ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة تراها المرجعية كافية ووافية ليكون هذا التحالف مقدمة لما يسميه العماد عون تكاملاً وجودياً وتحالفاً غير قابل للنقض او الانكسار مع حزب الله والمقاومة تحديداً. وايضاً تجعل من حلفاء حزب الله وحزب الله يخوضون معركة تبني ترشيح العماد عون الى الرئاسة الاولى حتى النهاية فلم يعد بالامكان ان يؤتى برئيس مموه او متزلف او متلون او يميل كيفما تميل مصالحه خلال عهده الرئاسي.

ومن القضايا التي ينسجم فيها العماد عون وحلفائه هي مطالب الناس ومكافحة الفساد وتعيين الرجل المناسب في المكان المناسب وكف يد تيار المستقبل و14 آذار عن الاستفراد بالسلطة والاستئثار بالمفاصل الاساسية، لكن التباينات والخلافات تكون في كيفية وطريقة المطالبة بهذه الحقوق. ووفق المرجعية نفسها لا يمكننا مثلاًَ ان نسير في طروحات العماد عون او نتبناه التي تصب في إطار ضيق وقد تحرج الحلفاء وتفرح الخصوم وتزيد من حدة التأزم فمهما كان طرح العماد عون ايجابياً او بناء سيخرج كل سياسيو 14 آذار وتيار المستقبل بابيهم وامهم لمهاجمته والتبخيس به فكيف اذا كان هذا الطرح ضعيفاً وفيه رائحة من المزايدة المسيحية. ويبدو ـ والكلام للمرجعية ـ ان مسارعة الدكتور سمير جعجع الى زيارة العماد عون في الرابية وإعلانه ورقة النيات وإستكمال التقارب مع عون التيار الوطني الحر قد بدات تظهر ثماره ومكتسباته لجعجع وأكثر بكثير من العماد عون. فالشخصية المعزولة وطنياً واسيرة ماضيها وحاضرها ومستقبلها السياسي هو جعجع بينما نرى في العماد عون احد شخصيات وزعماء الاستقلال الثالث وبه نتفاءل ونطمئن على مستقبل لبنان واجياله الطالعة. وعليه تخلص المرجعية ان العماد عون له ملء الحرية في إبداء وجهات نظره وآرائه كافة لكنها لا تكون ملزمة لحلفائه واصدقائه ولا تأخذ طابع الرسمية او الجدية اذا لم تكن منسقة ومعلنة بشكل رسمي وفي لقاء عام وامام الرأي العام، لكننا في الوقت نفسه حريصون على العلاقة معه وعلى عدم تظهير الاختلاف في الرأي على انه خلاف او شقاق او تصدع فالساحة اليوم حساسة للغاية وكل طرح غير مدروس او يحمل الصفة الوطنية الجامعة سيضر ولن يفيد ولن يجد طريقه الى التنفيذ وسيبقى مجرد كلام قيل والسلام.