Site icon IMLebanon

الإحتراب السني ــ المسيحي مُستمرّ….

الحكومة السلامية انتهت صلاحيتها بعد أن دخلت «كوما» التعطيل والشلل الذي يجعل منها حكومة مستقيلة ومصرفة للأعمال مع وقف التنفيذ في ظل الأجواء غير المريحة التي ترخي بأثقالها على جلسات مجلس الوزراء بعد تمسك كل فريق بخياراته ومواقفه وبعد أن أصبحت الثقة مفقودة بين المكونات الأساسية الحكومة السلامية، سيما أن جميع المحاولات لإنقاذ ما يمكن انقاذه لإنعاش هذه الحكومة بات عبثيا وغير مجدي في ظل احتدام الانقسام والاحتراب الطائفي السني – المسيحي حول مسألة الشراكة والتي تنذر ليس فقط بتطيير الحكومة وحسب بل أيضا بتفجير اتفاق الطائف و بجر البلاد نحو مواجهات مفتوحة على كل الاحتمالات. هذا ما أكدته أوساط وزارية بارزة في 8 آذار التي اشارت الى ان

الازمة الحكومية ليست سوى تفصيل في معركة استعادة الحقوق المسيحية ضمن الشراكة الوطنية المحدد في روحية الدستور والميثاق الوطني اللبناني؟ وبالتالي هذه الأزمة هي مرشحة للتفاقم في الاتجاه الذي سيقود عاجلا أم آجلا إلى تفجير الحكومة السلامية في ظل غياب اي بوادر لإنهاء أسباب المواجهة السنية – المسيحية التي انطلقت شرارتها من فتيل آلية العمل الحكومية في ظل الفراغ الرئاسي ومسألة التعيينات العسكرية، خصوصا أن الأطراف السنية والمسيحية المعنيين بهذه المواجهة لا يزالون عند سقف مواقفهم العالية وهم يستعدون بخياراتهم المطروحة في كواليس الأروقة السياسة والدبلوماسية إلى مواجهة كل التداعيات والعواقب التي قد تترتب على هذه المعركة المفتوحة على كل سيناريوهات التصعيد والمواجهة. ، مؤكدة بأن التلويح بالاستقالة أو تقديم الاستقالة فعلا لن يغير بشيء من واقع المعركة السنية – المسيحية المستمرة والتي ستأخذ اتجاهات تصعيدية أكبر خلال الأيام القليلة المقبلة في ظل المؤشرات التي تدل بأن المبادرات والمشاورات مع الفريق السني لتصحيح المسار الملتوي في قضية الشراكة الوطنية الإسلامية – المسيحية ذاهبة نحو حائط مسدود.

الاوساط أشارت الى ان الاستقالة التي يلوح بها رئيس الحكومة هي استقالة جدية لسببين رئيسيين:

السبب الأول، يكمن في أن رئيس الحكومة يدرك بأن الخلاف في البلد هو أبعد من آلية عمل الحكومة أو مسالة تعيينات بل أن لب هذه القضية هو مسألة الشراكة المسيحية التي يطالب بها الشارع المسيحي والذي لن يتراجع عن هذا المطلب لأي سبب من الأسباب، بل على العكس من ذلك، أن جميع المؤشرات والمعطيات الماثلة أمام رئيس الحكومة تشير بما لا يقبل الشك أو التأويل في إن معركة استعادة الشراكة المسيحية الحقيقة في السلطة والحكم ضمن تركيبة النظام الطائفي في لبنان هي معركة وجود وحياة للمسيحيين المستعدين للذهاب مع العماد عون إلى النهاية في هذه المعركة المصيرية بغض النظر عن الأكلاف والأثمان التي يمكن أن تترتب على هذه المعركة. وطالما أن الأمر كذلك فأن تحييد رئيس الحكومة تمام سلام نفسه عن هذه المعركة التي لا يملك زمام أمرها على الأقل من جانب الفريق السني المنقسم والمتصارع والمتنافس فيما بينه على كعكة رئاسة الحكومة، بحيث أن الخطاب السني المرتفع السقف في هذه المعركة يجعل من الرئيس سلام عاجزا في هذه المرحلة عن القيام بأي مبادرة توفيقية مع الفريق المسيحي لذلك فإن أهون الشرور عند سلام في هذه المعركة «الحامية الوطيس» هو الإستقالة للنأي بنفسه عن الشظايا الحارقة للمكانة السياسية التي أسسها خلال فترة توليه رئاسة الحكومة الحالية والتي كرسته أمام جميع المتابعين للوضع اللبناني في الداخل والخارج كنموذج للرئيس السني التوافقي المعتدل في منصب رئاسة الحكومة وفي قيادة شؤون البلاد.

– السبب الثاني يكمن في أن المشكلة المتفاقمة في جلسات مجلس الوزراء حلها هو خارج مجلس الوزراء الذي باتت اجتماعاته رهينة التعليمات التي يتلقاها الوزراء من قيادات الصف الأول خارج مجلس الوزراء. وبالتالي فإن المتحكم في المداخلات والمناقشات التي يقدمها الوزراء على طاولة مجلس الوزراء سواء كانت هادئة أو حامية هو موجود خارج جلسة الحكومة أي بيّد القيادات السياسية المرتبطة والمقيدة ليست فقط بحسابات مصالحها اللبنانية الداخلية وحسب بل أيضا بأجندات مصالح القوى الدولية والإقليمية المؤثرة والفاعلة في الوضع اللبناني ما يعني أن المتحكم بسقف وحدود توجهات هذه الأزمة الحكومية المتمادية ليس رئيس الحكومة الذي لا تسمح له مكانته ولا كرامته ولا دوره الوطني في استمرار ما يحصل وبأن يكون مجرد شاهد زور على ما يجري في جلسات مجلس الوزراء حتى ولو أدى هذا الأمر إلى التلويح بالاستقالة التي تبقى خيارا مطروحا بقوة من قبل الرئيس سلام حتى اشعار آخر.

المصادر أشارت الا انه طالما أن هناك فريقاً سياسياً أساسياً في الحكومة مسؤول عن استمرار نهج عرقلة العمل الحكومي بسبب استمرار فصول المماطلة المتعمدة التي يمارسها هذا الفريق عن سابق تصور وتصميم كوسيلة ناجعة لتأكيد رفضه القاطع بإعادة الاعتبار لمبدأ احترام الشراكة الميثاقية التي تكرس في الممارسة والتعاطي الحكومي حقوق المسيحيين كشركاء أساسيين في السلطة والحكم فأن الأزمة الحكومية ستبقى قائمة ومستمرة نحو المزيد من التعقيدات التي سيتكرر معها مشهد حالة المراوحة المرضية التي شهدتها الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الذي عجز عن اقرار أي بند في جدول الاعمال المثقل بالبنود والملفات الحياتية الضاغطة والاستحقاقات المالية الضرورية وأزمة النفايات المستفحلة وهذا يدفع باتجاه تحميل رئيس الحكومة اكثر مما يحتمل صبره الذي نفد ووصل إلى حد الحديث عن أن مسألة الاستقالة. مشددة بأن أجواء رئيس الحكومة باتت واضحة لناحية التأكيد بإن هناك احتمالات كبيرة بأن يشهر رئيس الحكومة ورقة الاستقالة بوجه المعرقلين في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، ما لم تتراجع جميع القوى السياسية حساباتها وتصويب خياراتها خلال الخمسة أيام المقبلة بالاتجاه الذي يخدم قولا وفعلا المصلحة الوطنية والانصراف للاهتمام الحكومي بشؤون اللبنانيين وقضاياهم الملحة خصوصا أن أزمة النفايات التي تهدد بانتشار الأمراض والأوبئة والحشرات المضرة على اطلاقها لا تحتمل مساومات ومزايدات بل تتطلب فقط موقفاً حكومياً واضحاً وصارماً لمعالجة هذه الأزمة على المستوى القريب والبعيد بأسرع وقت ممكن.