في مقالنا السابق عن الحوار ومحاولات التوصل الى تفاهم بين حركة امل والتيار الوطني الحر سألنا عن إمكانية الوصول الى خواتيم سعيدة، فلم يتأخر الجواب بعد اصطدام عنيف بين الفريقين جرّاء الموازنة وتحديدا ملف الناجحين في مجلس الخدمة المدنية، اذ تشير مصادر مطلعة الى أن هذه النقطة أعاقت الحوار ويبدو أنها قادرة على نسفه.
وبعد ان كاد التفاهم يبصر النور في الأيام القليلة المقبلة، مترافقا مع هدنة اعلامية وسياسية بدأت منذ الاسبوع الاول من شهر تموز، برزت مشكلة كبيرة بين فريق دافع منذ اليوم الاول عن حقوق الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية والذين ينتظرون توقيع مراسيم التحاقهم بوظائفهم، وفريق رفض منذ اليوم الاول حقوق هؤلاء بسبب التقسيم الطائفي.
في هذا السياق تشير المصادر الى أن الفريقين كانا يعلمان بأن الوصول الى تفاهم لن يكون بالأمر السهل، ويعلمان أيضا أن ما بعد الوصول الى تفاهم سيكون أصعب لان الحفاظ على التفاهم أصعب من الوصول اليه، في وطن يحفل بالأزمات، مشددة على أن رؤى الفريقين فيما يخص الوضع الداخلي لم تلتق الا نادرا، لذلك فمن الطبيعي أن تحتد الامور بينهما كلما واجها ملفات استثنائية، كالموازنة.
وتكشف المصادر أن تأثير الخلاف على النقطة المتعلقة بحقوق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية لم ينتظر طويلا، فتم تعليق الحوار والزيارات المتبادلة لحين الوصول الى حل للمعضلة الجديدة، خصوصا وأن مصادر حركة امل تؤكد أن لا مساومة على حقوق الناجحين، ولا مساومة على تطبيق الدستور الذي ينص بشكل واضح لا لبس فيه على أن المناصفة بالوظائف العامة لا تكون سوى بوظائف الفئة الاولى، لذلك فمن غير العدل والمنطق والقانون والدستور أن يُشطب حق الناجحين فقط بسبب اعتراض فريق يملك سلطة التوقيع على مراسيم التعيين.
وتضيف مصادر أمل: «ليس صحيحا ان ورود النقطة المتعلقة بحقوق هؤلاء هو خطأ مادي والأصحّ أنه لو عّرض الأمر على التصويت لكان نال أغلبية، كون المدافعين عن حقوق الناجحين يصل عددهم الى حوالى 80 نائبا، لذلك، فلا داعي لكل التأخير الحاصل بتوقيع الموازنة ولا داعي لان نسمح لهذا الملف ان يؤثر على محاولات التفاهم التي تُريح البلد»، مشيرة الى أن النقطة المثار الخلاف حولها لا تعني إلحاق الناجحين بوظائفهم لكي تُثار حفيظة المعترضين وإنما ضمان حقهم، وهذا أبسط ما يمكن فعله تجاههم».
وتؤكد مصادر حركة أمل أنها كانت ولا تزال مستعدة للحوار والنقاش في كل النقاط العالقة بينها وبين الوطني الحر، ولكن على قاعدة تنطلق من عدم مخالفة القوانين والدستور لاجل اعراف جديدة تُعيد البلد الى الخلف، مشيرة الى ان موقفها هذا ينطلق من حرصها على الدستور ولبنان ونعمة طوائفه، وهي التي عملت وتعمل لكي لا تتحول هذه النعمة الى نقمة. وتضيف: «كما كنا مستعدون سابقا للتفاهمات نحن مستعدون اليوم، ونمد اليد لملاقاة كل فريق يرغب في الحوار، وكل ما عدا ذلك هو افتراء علينا».
وفي نفس السياق، تدعو مصادر حركة أمل نواب تكتل لبنان القوي الى عدم الذهاب بعيدا بخطاب التقسيم، مستغربة تصريح النواب المطالبين بفرض المناصفة على كل فئات الوظائف، لما لذلك من ضرب للدستور والقوانين والأعراف والعدالة بين المواطنين والمساواة وحقوق الناس، داعية للعودة الى الخطاب الوطني الجامع، وتوقيع الموازنة لان كل يوم تأخير إضافي فيها يزيل من رصيدها.
من جهتها، تؤكد مصادر الوطني الحر أن ما حصل في مجلس النواب «تهريبة» لا يمكن ان تمر، مشيرة الى أن المطالبين بتطبيق القانون يعلمون بأن القانون ينص على فقدان الناجحين لوظائفهم في حال مرّت سنتان على نجاحهم من دون صدور مراسيم تطبيقية لتوظيفهم، وهنا نحن لا نريد سوى تطبيق القانون. وعن الحوار مع أمل، تقول المصادر: «نعلم بان هذا الحوار لن يكون سهلا وسيتعرض لخضات وخضات، ولكننا مستعدون له، ولنأمل أن ما حصل في الساعات الـ 48 الماضية سيكون سحابة صيف».