وساطة رئاسية فرنسية بدعم أميركي مع ضمان عدم إنجرار لبنان الى أي محور
إنطباعات اولية محليّة ودوليّة عن الإستقالة: هي جزء من كلّ
تترقب واشنطن حصيلة اللقاءات مع السبهان في حين سيكون لماكرون دخول مباشر على خط الأزمة
أعادت استقالة الرئيس سعد الحريري والتطورات التي تبعتها، لبنان الى صلب الإهتمام الدولي، مع إعادة أكثر من عاصمة دولية تفعيل خلاياها الديبلوماسية الخاصة به، نتيجة احتضار التسوية أو التفاهم الذي قامت عليه ثنائية رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.
ولا تخفي عواصم القرار المعنية بالشأن اللبناني قلقها البالغ من إحتمال تدهور الأوضاع ربطا بجملة معطيات ومؤشرات تبدأ ولا تنتهي بطلب عدد من الدول العربية من رعاياها مغادرة لبنان او الامتناع عن المجيء اليه، وسط معلومات عن إجراءات ديبلوماسية وسياسية (عقابية؟) تصاعدية ستطاله في القريب من الأيام، في حال لم تتحقق الشروط التي تم وضعها لخروج لبنان أو إخراجه من الحلقة المفرغة التي تكاد تحكم عليه إثر استقالة الحريري.
ولم يمنع التهيّب الذي يعيشه المسؤولون في بيروت نتيجة التطورات الدراماتيكية الحاصلة، من تشكّل موقف جامع، جوهره أهمية عودة رئيس الحكومة المستقيل، مع إدراك معظم القوى أن الاستقالة هي جزء من كلّ، وأنها أولى الخطوات التصعيدية المتوقع المزيد منها. ويتصرف هؤلاء على أساس هذه الحقيقة، في حين ينهي اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مروحة المشاورات التي بدأها مطلع الأسبوع بلقاء مع سفراء مجموعة الدول الـ5+2، في اجتماع يعوَّل عليه لجهة أرجحية بدء حراك رئاسي واسع في هذا الشأن في مسعى الى جلاء الصورة.
وأمكن للمسؤولين تكوين إنطباعات اولية نتيجة الاتصالات التي أجراها الرئيس عون، وخصوصا مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في حين أتاحت الاجتماعات التي عقدها الحريري في الرياض مع سفراء فرنسا وبريطانيا والإتحاد الاوروبي والقائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة، تظهير صورة واضحة عن حقيقة ما يجري، وتحديدا في ظروف استقالة الحريري وملابساتها ومسبباتها.
في هذا السياق، يتحدث تقرير ديبلوماسي عمّا سمّاه «شبح الأزمة السياسية والاقتصادية» الذي «يقترب بوتيرة أسرع» صوب لبنان، مما يحتّم أن «يستجيب المجتمع الدولي لهذه الاستقالة من خلال وضع خطة منسقة ترمي إلى تحقيق هدفين هما: ضمان استقرار البلاد، ومواجهة حزب الله للحرص على عدم استغلاله هذا الفراغ».
ولا يخفي التقرير انتظار عواصم القرار، وخصوصا باريس وواشنطن، حصيلة المشاورات الرئاسية، وما سيكون عليه موقف الرئيس عون من مسألة قبول استقالة الحريري أو الاستمرار في رفضها (بمعنى تعليقها في الحد الادنى) الى حين عودته الى بيروت.
ويتولى مساعد وزير الخارجية الأميركي السفير ديفيد ساترفيلد الإتصال المباشر مع مسؤولين لبنانيين للتشاور وتكوين الصورة الكاملة، مع الإشارة الى أن واشنطن تترقب حصيلة لقاءات وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان في العاصمة الأميركية لمزيد من الاستيضاح وجلاء الصورة، في حين سيكون للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دخول مباشر على خط الأزمة اللبنانية من خلال الوساطة التي سيطرحها أثناء لقاءاته الرفيعة المستوى في الرياض، هذه الوساطة التي تلقى دعما أميركيا غير خفيّ وتشمل الشأنين اللبناني واليمني.
وتقول مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع ان الوساطة الفرنسية ستتناول أهمية العودة الى تحييد لبنان عن أي نزاع إقليمي، وربما إعادة إحياء التسوية الرئاسية وإن على أسس جديدة ترتكز على إضفاء نوع من الضمان الفرنسي لعدم انجرار لبنان الى أي محور، في مقابل تليين بعض الشروط والمواقف، والأهم إبعاد احتمال أي تصعيد عسكري داخلي او خارجي قد تطال شراراته مجمل الإقليم، وسيؤدي حتما الى فتح أبواب الهجرة الأوروبية أمام مليون ونصف مليون نازح سوري، مع ما سيحمله هذا الانتقال الجماعي لكتلة بشرية هائلة من قلاقل وتعقيدات وتوترات الى قلب أوروبا.