لم يكن ينقص حال التوتّر التي أصابت العلاقات اللبنانية الخليجية بجرح عميق نتيجة سياسات «حزب الله» في الإقليم وتأثيره على السياسة الخارجية اللبنانية في المحافل العربية والإسلامية، سوى بعض الأقلام التي تغرز السكاكين في جرح هذه العلاقات.
فبعد «نجاح« حزب الله في الإساءة الى هذه العلاقات التاريخية، استأنف بعض الأقلام حملاته المكشوفة المصدر والهدف للإساءة الى المساعي الجارية لإصلاح هذه العلاقات بعد أن بلغت حدًّا غير مسبوق من التوتر.
والمعلوم أن بعض هذه الأقلام يعلم، ومن يقف وراءه بطبيعة الحال، أن مساعي حثيثة تجري، منذ اندلاع هذه الأزمة، على المستويين الرسمي والسياسي، من أجل إعادة الأمور الى مجاريها بين لبنان ودنيا العرب، وأن هذه المساعي بالكاد وصلت الى مرحلة مقبولة من التقدم، ما يطرح السؤال عن أسباب إعادة صبّ الزيت على النار في هذا الوقت بالذات، وما إذا كان المطلوب إحباط هذه المساعي أو إجهاضها منذ بداية الطريق.
أما السؤال الثاني والأهم فهو أن ما نُشر وما استدعى رداً فورياً من وزير الإعلام رمزي جريج ومن السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري لم يندرج في سياق «التدخل في شأن داخلي لدولة عربية شقيقة» وحسب، وإنما في شؤون شخصية تعني رأس هذه الدولة أو كبار مسؤوليها، وكأنما الوضع الصحي لملك أو مسؤول أصبح أولوية مهنية تتصدّر «مانشيتات» الصحف.
وهذه بدعة طرأت على مسيرة الصحافة اللبنانية، تسعى صحافة الممانعة الى تكريسها باعتبارها صناعة صحافية، بلغت حدّ نشر أخبار ومقالات تتعلق بالأوضاع المادية لهذا المسؤول أو ذاك، سواء كان لبنانياً أو غير لبناني، أو أوضاعه الزوجية في بعض الأحيان، في محاولة لإعادة الصحافة السياسية الى زمن «صوت العدالة».
في المنطقة اليوم أكثر من زعيم أو رئيس أو مرشد يعاني أمراضاً معظمها خبيث.
هل نشرت واحدةٌ من صحف الممانعة، مرّة، خبراً في هذا الصدد في صفحتها الأولى؟ أم أنها اكتفت بنشر مثل هذه الأخبار، فقط في حال دخول هذا الرئيس أو ذاك الى المستشفى لإجراء عملية جراحية، وفي صفحات داخلية غالباً ما تكون صفحة «التتمات»؟
هَزُلت.