IMLebanon

اللاأمن في المنطقة  يفرض أمن لبنان

المشهد في وزارة البيئة كان درساً للمتظاهرين قبل المتفرجين ورجال الأمن والمسؤولين السياسيين: ليس مقبولاً احتلال وزارة أو مؤسسة عامة ولو كانت مقصّرة وفاشلة. لكن الفارق كبير جداً بين أخطاء عفوية أو مقصودة يرتكبها المجتمع المدني المطالب بحقوق المواطن وبين خطايا المجتمع السياسي المصرّ على المصالح الفئوية والشخصية والمسلح بالعصبيات الطائفية والمذهبية. والمفارقة مذهلة في الحرص على تبرير العجز وتدبير الفساد، بدل المسارعة الى تقرير الخطوات الضرورية لمعالجة قضايا الناس.

ولا خوف، برغم التخويف، من أن تقود أخطاء الحراك المدني الى الفوضى. الخوف هو من جمود النظام الى حدّ الشلل شبه الكامل للمؤسسات والتسليم بأن تعطيل اللعبة الديمقراطية صار ممارسة ديمقراطية، وهو أيضاً من ضآلة العامل المحلي وتعاظم العامل الخارجي في صنع أو منع القرارات، سواء تعلقت بأمور عادية أو بأمور حيوية مهمة كانتخاب رئيس للجمهورية وانتاج قانون انتخاب حسب النظام النسبي، لاعادة تكوين السلطة بوجوه وأفكار جديدة.

والمقصود بالطبع خوف الناس المحتاجة الى حلول والمؤمنة بالتغيير، لا خوف التركيبة السياسية التي تقاتل ضد أي تغيير، وتتقاتل على الحصص.

ذلك أن الاستقرار النسبي في لبنان قرار مفروض بمصالح قوى أكبر من المجتمع المدني والمجتمع السياسي. لا لأن هذه القوى أكثر رأفة بلبنان من اللبنانيين، كما يردد البعض أحياناً، بل لأنها في حاجة الى خدمات يقدمها لبنان المستقر تحت المظلة الاقليمية والدولية، ويصعب أن يقدمها لبنان في فوضى. وليس مساعد وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبداللهيان هو أول زائر لبيروت يقول ان أمن لبنان من أمن المنطقة، ثم يضيف التخصيص الى التعميم معتبراً ان أمن لبنان من أمن الجمهورية الاسلامية الايرانية.

والمعادلة معروفة. خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي كان لبنان الساحة المختصرة للصراعات في المنطقة وعليها. هي هادئة وهو في نار. كان من الصعب أن تدوم الحرب ١٥ سنة لو لم تكن الترجمة العملية للقرار الكبير هي معادلة أمن المنطقة من اللاأمن في لبنان. لكن الدنيا تغيّرت منذ ٢٠١١: المنطقة تغلي. سوريا في حرب، كذلك العراق واليمن وليبيا. وداعش الذي أعلن دولة الخلافة يشكّل أكبر تهديد ارهابي للمنطقة والعالم.

والمعادلة الجديدة هي ان اللاأمن في دول عدة في المنطقة يفرض نوعاً من الحاجة الى الأمن في لبنان. حتى صراع المحاور الاقليمية الذي نحن جزء منه بالخيار والاضطرار معاً، فانه في حاجة الى مطار بيروت ومصارفها والمركز المهم للمراقبة والاستخبار.