من يتذكَّر مصطلح تلازم المسارين الذي راج في لبنان حتى العام 2005؟ يبدو ان البعض استرجع هذا المصطلح ولكن لأهداف أخرى إذ بات يتحدث عن تلازم المسارين بين معالجة النفايات وإيجاد مخرج لآلية عمل مجلس الوزراء فهل صحيح ان تلازم المسارين بين الآلية والنفايات هو عنوان المرحلة المقبلة؟
***
مساء أول من أمس السبت تسابق كلٌّ من رئيس الحكومة ووزير البيئة على زف بشرى ايجاد معالجة لمعضلة النفايات، لكن من يُدقق في بياني دولته وسعادته، يجد لغماً موجودا في بيان الرئيس سلام، اذ ورد في مستهله صيغة حل مرحلي فوري ومؤقت! اللبناني يرتاب من مثل عبارات المرحلي والمؤقت لأنها تتحول بسرعة هائلة الى ثابت ودائم، في ذهنه دائماً المادة 95 من الدستور التي تبدأ بعبارة بصورة مؤقتة ليمتد هذا المؤقت الى اكثر من سبعين عاماً.
ربما المسؤولون عندنا فاتهم ان المؤقت دائم: من الدستور الى القوانين الى قرارات مجلس الوزراء الى بيانات بعض الوزراء.
ولكن حتى هذا المؤقت بات يلقى اعتراضات، فما هو هذا المؤقت؟
في الاساس، وقبل استفحال المشكلة، كانت آلية النفايات تتم وفق التالي: الجمع ثم النقل الى معامل المعالجة في الكرنتينا ثم الطمر في الناعمة. حين توقف الطمر في الناعمة امتلأت معامل المعالجة من دون امكانية التصريف فتوقف الجمع لأن لا مكان لوضعها ولمعالجتها، الحل المؤقت هو نقل ما هو موجود في المعامل الى أماكن مختلفة لتكون هناك امكانية لنقل النفايات مجددا الى هذه المعامل لمعالجتها ونقلها الى الاماكن المختلفة، وهكذا دواليك الى ان تعالج المشكلة جذريا، وهذه المعالجة الجذرية لن تتم إلا بعد فض العروض الخاصة بالمناقصات ثم اقرار دفاتر التلزيم وبعد ذلك بدء عمل الشركات الجديدة لانشاء معاملها واستحداث مطامر لها، وهذه الخطوات لا تنتهي بأقل من سنة، فكيف سيكون عليه وضع النفايات الموضّبة التي تكون قد نقلت الى اماكن مختلفة؟ كيف ستصمد أمام احوال الطبيعة من حر ثم أمطار وأحيانا ثلوج؟ ماذا عن انبعاثاتها حيث ستكون في العراء وغير مطمورة ربما؟
إنها جمهورية المؤقت!
***
ثم ان عبقرية المعالجين تفتَّقت عند نقل النفايات الى الكسارات! ما هذه المعالجة؟ وما هذه المؤامرة على ابناء المناطق التي فيها كسارات؟ اللبناني الذي يعيش قرب كسارة، عانى الامرين من جراء الكسارات غير المطابقة للشروط والتي تسببت بالازعاج والامراض للقرى والبلدات القريبة منها. اليوم بماذا يعدون ابناء تلك المناطق؟ هل يعدونهم بأننا سننقل اليكم النفايات مؤقتا؟
***
ان أفضل تعليق على ما يجري هو ان الحكومة اضاعت وقتا امتد من كانون الثاني الماضي وحتى اليوم! فماذا كانت تنتظر؟ وبماذا كانت تتلهى؟ وعلى ماذا كانت معتمدة؟ على مدى ستة أشهر كان يقال لها ان مطمر الناعمة سيقفل، فلماذا لم تصدّق؟
ان السياسة ليست ارتجالية، ولننتظر ماذا سيكون الوضع عليه في جلسة الغد، فلمن ستكون الاولوية: للآلية أم النفايات؟