IMLebanon

حوار الداخل تحصيناً لـ”مغامرة” آتية؟

يجري التعامل مع خطاب الامين العام لـ “حزب الله”، يوم الجمعة المقبل، بشكل بالغ الاستثنائية. يقولون إنه سيعطي أول موقف “رسمي” من الهجوم الاسرائيلي على القنيطرة السورية، الذي قتل فيه ضابط ايراني وستة عسكريين من “الحزب”. ومنذ الحادث، نُقل بوتيرة شبه يومية عن مصادر الحزب أنه سيردّ بطبيعة الحال، أو تحدّث بعض القياديين عما يفيد بعناصر أي موقف، وكان آخرهم نائب الأمين العام نعيم قاسم الذي قال إن اسرائيل أرادت أن ترسم “معادلة جديدة” في الصراع، لكنها “أعجز من أن ترسم خطوات جديدة وقواعد جديدة”.

وكما هو متوقّع سادت مخاوف لبنانية من أن يستدرج أي رد حرباً واسعة لا بدّ من أن تكون أكثر وحشية من حرب 2006. لكن هذه المخاوف هي آخر ما تأخذه ايران أو “حزب الله” في الحسبان. ومَن يرَ المحازبين المنتظرين اطلالة السيد حسن نصرالله أو يسمعهم، يظن أن قيادة الحزب متوانية ومترددة، لذا تحتاج اليهم كي يحرضوها ويحمسوها. ما يختلف هذه المرة هو النقاش الذي يسبق الرد، وفيه تذكير بالقرار 1701 ووجوب “عدم اعطاء العدو الاسرائيلي أي مبرر للاعتداء على لبنان”، أو القول وفقاً للرئيس فؤاد السنيورة بأنه لم يعد مقبولاً “المغامرة” بحياة شعب لبنان “من أجل أجندات اقليمية جامحة لا تخص اللبنانيين وطموحاتهم”.

ولعل التوصيف الأكثر دقة بات المقامرة لا المغامرة، فالمقامر الايراني هنا واثق بأن الربح يضاف الى رصيده، أما الخسائر فليست على حسابه.

في أي حال، لفت الحادث في الجولان الى أسباب لم يشر اليها أحد في تفسير موجبات الحوار “السنّي – الشيعي”. فإذا كان هناك تخطيط لإشعال الجبهة السورية – الاسرائيلية، كخطوة لتلميع النظام السوري وتعويمه، فإن الاستعداد للحرب يتطلّب تهدئة الجبهة الداخلية (اللبنانية). كان التوتير مفتعلاً لإرباك معارضي قتال “حزب الله” في سوريا، ولحماية هذا التورّط، وأي تهدئة تتم الآن من دون تعزيز الدولة ستنكشف هشاشتها مع اتضاح أن هدفها إعادة تفعيل معادلة “الجيش والشعب والمقاومة” تحصيناً لـ”المغامرة/ المقامرة” الآتية.

أي ردٍّ على ضربة القنيطرة سيكون بقرار ايراني، ووفقاً لحسابات ايران ومصالحها. وسيضطر “حزب الله”، وكذلك “جمهور المقاومة” للامتثال إذا ارتأت طهران أن تأخذ “اعتذارات” اسرائيل وتوسّطها مع روسيا في الاعتبار فتؤجل الردّ الى ظروف اخرى، شرط أن تسجّل اكتساب “ورقة” في مقابل التأجيل. لكن هذه الورقة لن تخوّل ايران خرق المعادلة في الجولان تعويماً لبشار الاسد، واذا لم تلتزم اسرائيل بأكثر من الحفاظ على الهدوء التقليدي في هذه الجبهة فلن يبقى للايرانيين سوى التفاهم معها…