يصوّب العونيون معظم اهتمامهم، في هذه الأيام، ناحية مسألة واحدة: الاستحقاق الداخلي. تأخذهم الحماسة الى طرد الشكوك من رؤوسهم بعدما اكتووا بنار التأجيل أكثر من مرة. كل المؤشرات تدلّ على أنّ هذه المرة ثابتة، وأن الجنرال سيفعلها وسيسلّم الكرسي يداً بيد لخلفه.
هو يدرك جيداً أن ضباطه وجنوده ينتظرون منذ أكثر من عشر سنوات أن يفتح لهم الحلبة، ليس لمنافسته على الرئاسة، وانما لضخّ الدينامية الحزبية في شرايين التيار الذي يفترض أنّه بلغ سنّ الرشد ويمكن له أن يدير نفسه بنفسه من خلال قبضة المؤسسة.
ولهذا ما كاد يطلق الصفارة حتى دبّت العجقة في قواعد الحزب الذي تحوّل الى خلايا تنبض بالحراك الانتخابي، على جبهتين مفروزتين منذ زمن:
لم يحتج جبران باسيل إلى أن يبدأ رحلة «التعارف» على الناخبين كي يتيّقن العونيون أنّه طامح للجلوس على كرسي «التيار» وإمساكه بيدّ من حديد. بينما سلك آلان عون ممر التوافق بين رفاقه في الفريق الثاني كي يكون ممثلهم في السباق، حيث رسا الخيار على اثر سلسلة مشاورات داخلية على نائب بعبدا ليكون رأس الحربة، بعدما أظهر تفاعل الأرض ومقتضيات المعركة أنّه «الحصان الأربح» بين رفاقه.
عملياً، انطلق السباق بشكل ديموقراطي ورياضي، يقوم بشكل أساسي على استقطاب القواعد، لا سيما الأجيال الناشئة في «التيار الوطني الحر»، على اعتبار أن الشرائح العتيقة تعرف جيداً المنافسَيْن واختبرتهما مطولاً.
وإذا ما وضعت خارطة توزّع العونيين على المساحة اللبنانية وفق الهيكلية التنظيمية، فإنّه يتبيّن أنّ ترتيب الأقضية وفق عدد المنتسبين، يأتي وفق الآتي: المتن، ثم كسروان، ثم جبيل، ومن ثمّ بعبدا.
إذ إنّ المتن هو الخزان الأكبر للبرتقاليين حيث يتخطى عدد الناخبين فيه الـ3000، بينما الأقضية الثلاثة التي تليه يضمّ كل منها أكثر من 1000 ناخب، واللافت أّنّ هذه الدوائر الأربع تساوي مع بعضها البعض، أكثر من 55 % من عدد الناخبين.
وهذا ما يفسر الأهمية التي يوليها المرشحان لهذه البقع الأربع، لأنّهما يعرفان جيداً أنّ من يتمكن من نيل تأييد أغلبية الناخبين فيها، فهو يضمن حكماً النتيجة، ويكون شبه متأكد أنّ الرئاسة معقودة له.
ولكن حتى اليوم، لم يقفل السباق على مفاجآته، وقد تحمل الأيام المقبلة أوراقاً لا تزال حتى اللحظة مستورة ومن شأنها أن تعدل في مسار الاستحقاق، لا سيما أنّ الجنرال يجد نفسه محرجاً بسبب وضعية المتنافسين الآتيين حصرا من بيته وعائلته الصغيرة: صهره وابن اخته. ولهذا بات الجنرال ميالاً الى دخول مرشح ثالث الى الحلبة، كما قال بالحرف الواحد خلال مقابلته التلفزيونية الأخيرة، وكأنه يسعى للهروب من نيران الوراثة التي قد يتهم بها، أو يمهد لسيناريو جديد.
أما جديد تطورات الاستحقاق فهو صدور الآلية الانتخابية التي أعادت تأكيد موعد الانتخابات (20 أيلول)، وحددت تاريخ فتح باب الترشيحات وإقفاله، كيفية الترشح والشروط، مراكز الاقتراع ورؤساء الاقلام، لجان قبول الترشح والطعون، وشروط الحملة الانتخابية.
وكما كان متوقعاً، فقد حصرت مهلة الترشح بأسبوع واحد فقط، يسبق موعد الاستحقاق بشهر، أي من 20 آب حتى 27 منه، فيما يفتح باب سحب الترشح من 28 آب حتى 3 أيلول.
أما لوائح الشطب فستقفل في 31 تموز على أن تصدر بشكل رسمي ونهائي في 18 آب، أي قبل شهر من لحظة الوقوف أمام صناديق الاقتراع.
أما بالنسبة لمراكز الاقتراع فقد وزعت على مكاتب الأقضية، بحيث سيصار الى استحداث 17 مركز اقتراع يستقبلون نحو 15 ألف منتسب، موزعة على الشكل الآتي: المتن، كسروان، جبيل، بعبدا، البترون، عاليه، الشوف، بيروت، صيدا ـ الزهراني ـ جزين، زحلة، بعلبك ـ الهرمل، بشري ـ الكورة، البقاع الغربي ـ راشيا، زغرتا ـ طرابلس ـ المنية ـ الضنية، عكار، النبطية ـ مرجعيون حاصبيا، وبنت جبيل ـ صور ـ رميش.
وفي الإعلام والإعلان الانتخابيين، سيسمح للمرشح بالظهور الاعلامي الانتخابي مرة عند اعلان برنامجه الانتخابي ومرة عند القيام بنشاط انتخابي أو قبل أسبوع من العملية الانتخابية.
كما يمنع على أي عضو في التيار الإدلاء بأي مواقف مباشرة او تسريبات اعلامية مؤيدة او مناهضة لأحد المرشحين تحت طائلة تعليق عضويته.